هذا تمام البيان في ذلك، ويترتب عليه فصل متصل بما تقدم من تفويض الطلاق إليها.
٩٠١٣ - فلو قال لها: طلقي نفسك، فقالت: طلقتك، فخاطبته، فقال الأصحاب: إن قصدت تطليق نفسها وقع، وقال المحققون: يكفي قصدها الطلاق، وفي تخصيصها الطلاق بالزوج على قصد وعمدٍ الكلامُ الذي ذكرناه.
والمسألة ليست خاليةً عن تردّد الأصحاب في أن الرّجل إذا فوّض إليها صريح الطلاق، فأتت بالكناية، فهل يحكم بوقوع الطلاق؟ فإن قولها: طلقتك على مخاطبة الزوج كناية كما قدّمنا.
٩٠١٤ - ولو قال السيد لعبده: أنا منك حُرّ، فهذا مما اشتهر فيه خلاف الأصحاب: فمنهم من قال: يحصل العتق إذا نواه، كالطلاق. ثم الترتيب في تنزيله على العبد، وفي إطلاقه، على ما مضى.
ومن أصحابنا من قال: لا يحصل العتق أصلاً؛ فإن الملك لا يوجب حجراً على المالك، والنكاح يوجب حجراً على الناكح.
ولو قال الرّجل لامرأته: أعتدُّ منك واستبرىء رحمي، ونوى الطلاق، فهذا مما اشتهر فيه ذكر وجهين: والوجه - إلغاء اللفظ؛ لأنه غير منتظم في نفسه، والكناية لفظة يظهر انتظامها في معنى، ولكن لا تتعين لذلك المعنى، فإذا كان الكلام في نفسه مثبَّجاً (١) معدوداً لغواً، فلا معول عليه.
فصل
قال: "ولو جعل لها أن تطلق نفسها ... إلى آخره" (٢).
٩٠١٥ - نصدّر هذا الفصل بكلام في نية العدد: إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاًً، أو طلقتك ثلاثاًً، فلا شك في وقوع الثلاث، سواء كانت المرأة مدخولاً بها،
(١) مثبَّجاً: أي مختلطاً معمّى غيرَ واضح. من ثبجَ الرجل الكلامَ والخط ثَبجاً؛ عمّاهما، ولم يبينهما.
(٢) ر. المختصر: ٤/ ٧٦.