وكذلك إذا قال: إن ضربتك، فأنت طالق قبله بشهر، فإذا ضربها قبل مضي شهرٍ، لم يقع الطلاق.
وإذا علق بالقدوم والضرب على ما صوّرنا، فقَدِم الشخص المذكور بعد شهرٍ، ووقع الضرب بعد شهرٍ، قضينا بوقوع الطلاق متقدماً على القدوم والضّرب بشهر، على نحو ما ذكره المعلّق.
وقال أبو حنيفة (١): إذا ذكر القدومَ أو غيرَه، ثم أسند الطلاق إلى شهر قبل الصفة المذكورة، فلا حكم للزمان المذكور، والطلاق يقع عند القدوم والضّرب، سواء تخلل شهر أو لم يتخلل، ووافق أنه إذا قال: إذا مَات فلان، فأنت طالق قبله بشهرٍ، فمات بعد شهرٍ. أن الطلاق يقع مستنداً (٢)، ولو قال: إن ضربتك، فأنت طالق قبل ضربي بشهر، ثم ضربها قبل شهر، فقد ذكر أن الطلاق لا يقع، ثم تنحلّ اليمين، بهذا الضرب حتى لو ضرب بعد ذلك بشهرٍ أو أشهر، لم يقع الطلاق أيضاً؛ فإن اليمين انحلت بالضرب الأوّل، ولم يمكن وقوع الطلاق (٣).
ولو قال قائل: الضرب المعقود عليه هو ضرب يتصور أن يقع الطلاق قبله بشهر، فموجب هذا ألا تنحل اليمين بالضرب الأول، لما كان هذا بعيداً؛ تخريجاً على أن صفة اليمين إذا وجدت في حالة البينونة لا تنحل اليمين، قد ذكرنا هذا في أول الخلع محكيّاً عن الإصطخري، وسنعود إلى هذه الأجناس في فروع الطلاق، إن شاء الله تعالى.
فصل
قال: "ولو قال لها: أنت طالق إذا طلقتك ... إلى آخره" (٤).
٩٠٥٨ - هذا من أصول الكتاب، وهو كثير التدوار في المسائل، ومضمونه الكلامُ
في (إن)، و (إذا)، و (متى)، و متى ما (٥) إذا اتصلت بالإثبات، أو اتصلت
(١) ر. الفتاوى الهندية: ١/ ٣٦٨.
(٢) يقع مستنداً: أي يقع منذ الوقت الذي حدده، فيقع قبل القدوم والضرب بشهرٍ كما علقه.
(٣) كل هذا حكاية قول أبي حنيفة رضي الله عنه.
(٤) ر. المختصر: ٤/ ٧٨.
(٥) في الأصل: (وميتما) وهو تحريف واضح.