واحدة منهن طلقة، ولا يستقيم على السبر إلا هذا القول؛ فإنه إذا ظاهر عنهن، فقد ثبت التحريم في حق كل واحدة منهن، وهن متميزات، والتحريم في حق كل واحدة صفة شرعية لها، ويظهر بهذا تعدد التحريم، فإذا تعدد التحريم، فليتعلق كل تحريم بعَوْد وكفارة.
وإن غلبنا جهة اليمين، فالواجب كفارة واحدة، كما لو حلف لا يطؤهن (١)، فإنه لا يلتزم بوطئهن إلا كفارة واحدة، وهذا القول ضعيف، وإن كان مشهوراً.
ويمكن تقريب القولين بما إذا قذف جماعة بكلمة واحدة، فإن للشافعي قولين: أحدهما - يلزمه حدٌّ واحد لاتحاد اللفظ. والثاني - يلزمه حدودٌ لتعدد المقذوف وتعدد حكم التعيين والجناية على العرض، فالمعنى متعدد وإن اتحد اللفظ، وقد نُقرّب هذا بما إذا حنث في يمينين بفعل واحد، فإنا ذكرنا اختلافاً في أن الكفارة تتّحد أم تتعدد.
٩٥٢٥ - فهذه أصول متشابهة، وأقرب أصل بما نحن فيه شبهاً قذفُ الجماعة بكلمة واحدة، فإن قلنا: يلزمه أربع كفارات، فلو طلق البعضَ معقباً باللفظ، أو مات بعضهن على أثر اللفظ، فتسقط الكفارة التي كانت تقابل التي ماتت، وكذلك لا تجب الكفارة في حق التي طلقت على الاتصال.
وإن قلنا: الواجب كفارة واحدة في ظهارهن، فلو ماتت ثلاثٌ منهن على أثر اللفظ أو طلق ثلاثاًً منهن، وعاد في الرابعة، فالكفارة تلزم، وليس كما لو حلف لا يجامعهن، فإنه لا يلزم الكفارة ما لم يجامع جميعَهن، حتى لو فات الجماع في واحدةٍ، لم يلتزم الكفارة أصلاً.
والسبب فيه أن اليمين لا توجب الكفارة إلا عند تحقق الحِنث، والحِنثُ يحصل بجماعهن، وكفارة الظهار لا تتعلق بحنث، وإنما تتعلق بزور ومنكر يحُقِّقُه العَوْدُ، فإذا ظهر ذلك وثبت في واحدة وإن لم يظهر في ثلاث، فيتحقق موجب الكفارة.
وقيل: الظهار وإن ألحقناه باليمين، فهو نازعٌ إلى الطلاق، وهذا كلام مطلق يشعر بعجز المقدِّر (٢).
(١) (ت ٢): لايظاهر.
(٢) يشعر بعجز المقدّر. هل المعنى: يشعر بعجز من يفدر الظهار طلاقاً؟