وكان شيخي يحكي في تعليل ذلك عن شيخه القفال: أن الظهار نازع إلى الطلاق، فيبقى لذلك الحكم في الحيَّة (١)، ولم تتعدد الكفارة للنزوع إلى الأيمان، وهذا شأن كل أصل يتجاذبه أصلان فيؤثر عليه (٢) مقتضاهما.
وهذا كلام مضطرب؛ فإن كل واحدٍ من القولين إنما ينتظم بتغليب أحد الشبهين، فإذا أردنا تغليبهما، والجمعَ بينهما، لم يستقم، وفيما قدّمته من الفرق بين اليمين وبين الظهار أكمل مقنع.
وبالجملة لا يُتلَقى اتحاد (٣) الكفارة من مشابهة الأيمان، وإنما استيفاؤه (٤) من قذف الجماعة بالكلمة الواحدة كما قدمناه.
وكل ما ذكرناه فيه إذا تظاهر عن النسوة بالكلمة الواحدة.
٩٥٢٦ - فأما إذا أفرد كلّ واحدة بكلمة، وخاطبها بظهار منفرد، فلا شك في تعدد الظهار، ثم ظهاره عن الثانية عَوْدٌ في حق الأولى (٥)، والظهار عن الثالثة عوٌد عن الثانية، والظهار عن الرابعة عود في حق الثالثة، فإن عاد في حق الرابعة بأن أمسكها زمانَ إمكان الطلاق، لزمته أربع كفارات، وإن طلق الرابعة لما ظاهر عنها، فيلزمه ثلاث كفارات بسبب الثلاث المتقدّمات، إذ قد تحقق في حقوقهن الظهار والعَوْدُ جميعاًً.
أما الظهار، فبيّن: مأخوذ من تعدد الألفاظ، وتعدد المحل، ولا يبقى بعد التعدد في هذين سبب مانع من الحكم بالتعدد في الظهار.
أما العَوْد، فقد حققناه؛ إذ قلنا: اشتغاله بالظهار للثانية تركٌ منه لطلاق الأولى، وكذلك القول إلى الرابعة.
(١) الحيّة: أي الزوجة التي بقيت بعد موت الثلاث.
(٢) (ت ٢): فيه عليهما.
(٣) في النسختين: "لا يُلفى الاتحاد".
(٤) (ت ٢): اشتقاقه.
(٥) اعتبر عوداً في حق الأولى، لأنه أمسكها زمانا يسع الطلاق، بدليل أنه وسع ظهاره من الثانية.