٩٥٥٨ - ثم قال الشافعي رضي الله عنه: "فإن كانت أعجمية وصفت الإسلام ... إلى آخره" (١).
العبد الأعجمي إذا وصف الإسلام بلسان العرب، وعلمنا أنه كان يعلم معناه، فهو كالعربي، وإن كان لا يعلم معناه، فلا حكم لما صدر منه.
ثم ذكر الأصحاب بعد هذا تقسيمَ الإسلام وما يحصل الايمان به، وقسّموه إلى ما يحصُل إنشاءً وابتداء، وإلى ما يحصُل تبعاً.
والقول في جهات التبعيةِ، وفي الإسلام الحاصلِ به، والأحكام المتعلقة بذلك الإسلامِ مستقصىً في كتاب اللقيط على أحسن وجه وأبلغِه في البيان، فيه نصصنا على إعتاق الطفل المحكوم له بالإسلام تبعاً عن الكفارة، ثم ذكرنا إعرابه عن نفسه بالكفر بعد البلوغ، والتفصيل فيه، فلا نعيد هذا الفن.
والقسم الثاني هو الإسلام الحاصل إنشاء، أما العَقْدُ، فلا مطَلعَ عليه، وإنما يعرفه خالق الخلق، وكلامنا يتعلق بالظاهر، فنتكلم فيمن يُسلم وفيما هو الإسلام.
فأما المكلف، فيصح إسلامه ابتداء إذا اختار الإسلام، فإن اكره عليه وكان حربياً، فكذلك نحكم بإسلامه، والذّمّي إذا اكره، فأسلم، ففي المسألة وجهان.
وأما المجنون فلا عبارة له، والصبي لا يصح منه إسلامه بنفسه على ظاهر المذهب، وذكرت فيه خلاف الأصحاب من وجوهٍ في كتاب اللقيط، فلا أعيده.
٩٥٥٩ - والذي أخّرناه إلى هذا الكتاب الكلامُ (٢) فيما يصح الإسلام به: لا خلاف أنا لا نشترط أن يُعرب (٣) من يحاول الإسلام عن جميع قواعد العقائد؛ حتى لا يغادر منها قاعدةً.
فالأصل الذي اعتمده الشرع وهو من أبدع البدائع، وأعجب الأمور، وقد ذهل
(١) ر. المختصر: ٤/ ١٢٨.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) في الأصل: "يعرف".