وقال آخرون: إذا رأينا ألا نردَّ الطهرَ إلى خمسةَ عشرَ بهذه المسألة (١)، فنجعل الدم المبادر في آخر الدور كله استحاضة، ليكمل في هذا الدور الطهر خمسةً وعشرين أيضاًً، كما رآه أبو إسحاق.
وهذا فيه بُعد. والأصح المسلك الأول الذي ذكرناه الآن.
فصل
٥٠٦ - قد ذكرنا فيما تقدم أن المبتدأة المميزة تميّز، وترد إلى التمييز إذا تمكنت منه، ووجدت أركانه.
وكذلك المعتادة إذا نسيت عادتها القديمة، واستحيضت، وتمكنت من التمييز، فهي مردودة إلى التمييز وفاقاً.
٥٠٧ - فأما إذا كانت على عادة مستمرة، واستحيضت وهي ذاكرة لعادتها في أدوارها، وكانت تتمكن من التمييز أيضاًً، فإن كان ينطبق مقتضى التمييز على العادة، فهو المراد.
وإن اختلفا، فكان التمييز يقتضي مقداراً من الحيض يزيد على العادة أو ينقص منها، فقد اختلف أئمتنا، فمنهم من قال: هي مردودة إلى التمييز؛ فإنه اجتهاد، والعادة في حكم التقليد، والاجتهاد مقدم على التقليد، ويعتضد هذا بأن اختلاف المزاج بالطعن في السن يقتضي في مطرد العرف تغايير في أقدار الفضلات التي تدفعها الطبيعة، فيبعد أن تطّردَ العادة على مقدار واحدٍ، ويتجه اعتبار صفات دم الحيض عند استمرار الدماء.
ومن أئمتنا من قال: هي مردودة إلى العادة؛ فإن اعتبارها متفق عليه، والتمييز مختلف فيه، وأيضاًً فإن الرجوع في التمييز إلى لون الدم، ونحن نرى ألوان دماء العروق تختلف اختلافاً متفاوتاً، وقد يصفرّ دم الحيض أيضاً.
ومن أئمتنا من قال: يجمع بين العادة والتمييز إذا أمكن الجمع بينهما.
(١) في (ل): المرة.