وإذا مرت الحيضة بالجارية الموهوبة في يد الواهب، فلا اعتداد بها؛ فإن الملك في الجارية للواهب قبل الإقباض، وإن قلنا: إذا حصل الإقباض، استند الملك تبيُّناً إلى الهبة، فالوجه عندنا القطع بأن الحيضة لا يعتد بها.
وقد ينقدح على بُعْدٍ الاعتدادُ بها إذا جرت في الملك المتبيَّن.
ومن أُوصي له بجارية ونفذت الوصيةُ وقبلها الموصى له، فجرت الحيضة في يد الورثة قبل قبض الموصى له وبعد قبوله، فالحيضة (١) استبراء صحيح؛ فإن الملك في الوصية لا يتوقف على القبض.
وحكى صاحب التقريب وجهاً بعيداً أن الحيضة لا تقع استبراء، وبالغ في تزييفه، وليس هذا عندنا في رتبة الوجوه الضعيفة، بل هو خطأ قطعاً من قائله. وقد نجز هذا النوع.
٩٩٨٢ - النوع الثالث في بيان ما يحرم من المستبرأة في زمان الاستبراء فنقول: جميع وجوه الاستمتاع محرمة في زمان الاستبراء، وهذا يطَّرد في كل مستبرأة.
والمسبيةُ محرمة الوطء في زمان الاستبراء، وفي تحريم سائر وجوه الاستمتاع اختلاف مذكور في الطرق: من أصحابنا من طرد القولين بوجوب التحريم في جميع وجوه الاستمتاع؛ قياساً للمسبية على المستبرآت جُمَع، وهذا قياس واضح.
ومنهم من لم يُحرّم من المسبية جميعَ وجوه الاستمتاع، واعتلّ بأن سبب تحريم الاستمتاعات من المستبرآت تجويزُ أن تكون أمَّ ولد لغير المشتري، ولو قدر ذلك، لكانت محرمة على غير المستولد، والحربيةُ المسبية لو تبين أنها حامل، لكان الرق جارياً عليها وعلى حملها، وإذا كانت الحرة تسبى، فالمستولدة تسبى.
والاستبراء في المسبية في حكم التطهير لها، حتى تنتفض عن ماءٍ إن كان، وهذا يوجب التخصيصَ بالوطء، والذي يؤيد الكلام أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى بأمره في سبايا هوازن، وقال: " ألا لا توطأ حاملٌ حتى تضع، ولا حائلٌ
(١) في الأصل: والحيضة.