حتى تحيض "، فاقتضى النداء الاقتصارَ على تحريم الوطء، وكانت السبايا مختلطات بالمسلمين، ويغلب على الظن امتداد الأيدي إليهن، فلما لم يحرم الرسولُ صلى الله عليه وسلم إلا الوطءَ، مع الحال التي وصفناها، اقتضى ذلك تخصيصَ الوطء بالحظر.
٩٩٨٣ - ثم ينقدح عندنا في التفريع على هذا الوجه أمر بدعٌ، وهو تنزيل المسبية منزلة الحائض، حتى يجوزَ الاستمتاع بما فوق السرة وما تحت الركبة، وترددَ المذهبُ في الاستمتاع بما دون الإزار مع توقِّي الوطء، ولو كان لا يجري هذا لحق الاستبراء يجرى لحق الحيض.
ثم إذا قلنا: الاستبراء بالحيض، ولا يَحْرُمُ إلا الوطءُ؛ والاستمتاعُ (١) بما تحت الإزار، فلست أرى لإيجاب الاستبراء معنى إلا إذا كانت حاملاً، أو سُبيت في بقيةٍ من الطهر، أو قلنا الاستبراء بالطهر.
فأما إذا صادف السبيُ أولَ الحيضة، وفرعنا على أن الاستبراء بالحيض، فلا يكاد يظهر في حق السابي لوجوب الاستبراء معنى.
واتفق الأصحاب على طرد وجوب الاستبراء في الأبكار من الجواري، وحكى صاحب التقريب في البكر المسبية وجهاً بعيداً أنه لا يجب استبراؤها، وخصص هذا الوجه بالمسبية، وهو مطَّرحٌ مزيّف لا اعتداد به.
ثم إذا جرينا على الأصح، وحكمنا بأن الاستبراء بالحيض، فإذا انقضت حيضة كاملة، فتحريم الوطء يدوم عندنا بسبب الحيض إلى الاغتسال، فلا تحل الحائض إذا طهرت ما لم تتطهر، وسائر وجوه الاستمتاع إن كان التحريم منوطاً بالحيض حكمها حكم دوام الحيض.
وإذا حرمنا وجوهَ الاستمتاع لأجل الاستبراء، ثم انقضت الحيضة، فالمذهب أن ما حرم لأجل الاستبراء يحل، ولا يبقى التحريم إلا فيما يقتضي الحيض تحريمه.
وفي بعض التعاليق المعتمدة عن القاضي حكاية وجه بعيد منسوب إلى بعض الطرق
(١) في الأصل: "إذ الاستمتاع".