كان له عبد (١) وهو يحتاج إلى خدمته لعجزه اللازم له، فلا نكلفه أن يعتقه، كما لو كان يحتاج إليه في حفظه مُروءته.
هذا قولنا في التي تُخدَم، والتي لا تُخدَم.
١٠٠٨٦ - فإذا كانت مخدومة، فالذي قطع به الأئمة أن على الزوج القيامَ بمؤونة الخادمة، وقد ذكرنا من مؤنها النفقةَ، وسنذكر الباقي، ونقل بعض أصحابنا عن الشافعي أنه قال في عِشرة النساء: " ويشبه أن يكون عليه نفقةُ خادمها " فردد القول في ذلك، وقد جعل المزني المسألة على قولين في نفقة الخادمة، وهذا نُقل عنه في غير المختصر، وخالفه معظم الأصحاب في إجراء القولين.
ومن أصحابنا من ساعده وأجرى قولاً أن نفقة الخادمة لا تجب على الزوج قط، وهذا بعيدٌ جداً، ولكن ذكره صاحب التقريب، والشيخُ أبو علي، ومعظم الأئمة مع إطباقهم على تزييفه.
فإذا أوجبنا نفقةَ الخادمة، فإن استأجر الزوج حرّة أو أمةً لتخدِم الزوجة، فالذي يبذله أجرةٌ، وليس نفقةَ الخادمة.
وإذا أخدمها الزوجُ جاريةً من جواريه، سقط حق الخدمة بذلك، وليس هذا من نفقة الخادمة في شيء؛ فإن الزوج يُنفق على أمته بحق الملك.
وإن كان للزوجة (٢) أمةٌ، وكانت تخدِمها، وأراد الزوج الإنفاق عليها، ورضيت المرأة بذلك، فهذه النفقة نفقةُ الخادمة، وهي التي تتقدر بالمد، والمد والثلث، على التفاصيل المقدمة، ولا يتصور نفقة الخادمة إلا في هذه الصورة؛ فإنا إذا صورنا استئجاراً، كان ذلك إخداماً بأجرة، ومقدارُ الأجرة على حسب التراضي.
وإن لم يكن لها أمةٌ، فلا يكلف الزوج أن يستأجر حرة أو أمة بأكثرَ من النفقة التي أثبتناها للخادمة؛ فإنه ربّما لا يجد من يخدِم بمدٍّ وأوقية زيت.
ولو قلنا: يجب أن يكفيَها الخدمةَ، فهذا وقوعٌ في مذهب أبي حنيفة في اعتبار
(١) في الأصل: عذر.
(٢) في الأصل: وإن كانت الزوجة أمة.