الكفاية، وأقرب لازم على هذا الأصل أن يلزمه أن يكفيها ما يسد جوعتَها إذا كانت رغيبة لا تكتفي بمدٍ، فإذا كنا لا نُلزمه ذلك، فلا يَلزمُه في جهة الخدمة إلا ما ذكرناه.
فلو كانت تجد حرة تخدِم بالمدّ وما يُلحَق (١) به، فلا يتصور أن تُلزم الحرةُ بغير طريق الاستئجار، ولكن القدر الذي علينا أن نوضحه (٢) أن على الزوج تحصيل هذا القدر، فإن تيسر به استخدامُ حرة، فليس على الزوج النظر في التفاصيل.
ولو قالت المرأة: أنا أخدم نفسي فسلِّم إليّ نفقةَ الخادمة، فلست أرى لها ذلك؛ فإنها أسقطت مرتبة نفسها، والله أعلم، فلينظر الناظر في هذا الموضع.
١٠٠٨٧ - ومما يتعلق بذلك أن الرجل إذا نكح أمة، وكانت تُخدَم لجمالها، فهل يجب عليه نفقةُ الخادمة؟ ذكر العراقيون وجهين: أحدهما - أنه لا يجب على الزوج نفقةُ الخادمة؛ فإن الرق ينافي هذه المنزلة، والرقيقة تَخدِم ولا تُخدَم. والوجه الثاني - أنها تستحق نفقة الخادمة؛ لأن ذلك غيرُ مستنكر في العرف، ولا محمولٌ على الرعونة ومجاوزة الحد، والمحكّم في ذلك العاداتُ.
١٠٠٨٨ - ولو قال الزوج لزوجته المخدومة: أنا أخدمك بنفسي، فلا تكلفيني نفقةَ الخادمة، فقد قال الأصحاب: الأمور التي لا تستحي المرأة من تعاطي الزوج إياها يتعاطاها الزوج، كالخروج وكنس البيت وغيرها من أشغال المهن، فيجوز أن يقوم بكفاية هذه الأمور، وأما خدمتها الخالصة كحمل الماء إلى بيت الماء، وما في معناه (٣) من الأمور التي تستحي النساء من إظهارها للأزواج، ويؤثرن الاختفاء بها، فالمذهب الأصح أن الزوج لو قال: أتعاطى ذلك أيضاًً -والمرأة تأبى- فليس للزوج ذلك، فإنا إذا كنا نقيم الخادمةَ محافظةً على مروءتها، فالذي ينالها من إظهار هذه
الأمور للزوج أعظم مما ينالها من غضّ المروءة وتعاطي الخدمة.
١٠٠٨٩ - هذا نجاز الفصل. وفي القلب منه غائلة وغُصّة، وذلك أن الأصحاب
(١) في الأصل: وما يليق به. ومعنى ما يلحق به: أي وما يتبعه من أُدْمٍ، زيتٍ أو نحوه.
(٢) في الأصل: أن نوضح.
(٣) في الأصل: وما في معنا فيه من الأمور.