وإن قال قائلٌ: الأعضاء لا تقصد بالسراية، ويتيسر (١) فرض قطع الأطراف على الاشتراك، فهذا الكلام وإن استقل يعضّد (٢) قطعَ الأنملة إذا أفضى إلى الروح، وإن قيل: الروح لطيفة، فأي فقه في لطفها وهي لا تقصد بقطع الأنملة غالباً؟ وليس تأكّل الجرح بأبعدَ من سريان قطع الأنملة إلى الروح، فإن كان الصحيح أن أجرام الأطراف لا تُضمن بالقصاص إذا سقطت بسراية الجراحات، فهذه غُصّةٌ في القلب، وحَسَكة (٣) في الصدر.

وقد انتهينا إلى منتهى الفكر، وعـ ـر بأصل النظر (٤).

١٠٢٩٠ - ونحن نذكر مسائلَ معظمها منصوصة بعد إتمام هذا، فنقول: معتمدنا في زهوق الروح بالجرح رؤيةُ السراية، وظهورُ التأكّل، فالزهوق؟ (٥) إذا كان (٦) مسبوقاً بالتأكّل في بعض (٧) العضو، فكيف لا يكون العضو مضموناًً بالتعفن؟ وهو طريق الموت.

ومما انتهى الفكر إليه، ثم لم يستقم أن قائلاً لو قال: المرعيُّ أن يخطر للجاني قصدُ القتل، وإن كان لا يغلب؛ فإنّ قطع اليد يمكن تنزيله على هذه المرتبة، فإنه وإن كان لا يغلب منه الموت، فليس يندر منه، وما كان كذلك لم يبعد قصد القتل به (٨)، ولكن قطع الأنملة لا يصدر من ذي عقل وهو يقصد به قتل المقطوع منه.

١٠٢٩١ - ومن المسائل التي نذكرها: الإلقاء في الماء، والغرضُ منه يفصّله

(١) في الأصل: "وتيسّر".
(٢) في الأصل: "بعضه".
(٣) الحسكة: واحدة الحَسَك، وهو شوك شديد حادّ، يضرب به المثل في الإيلام والإقلاق.
(٤) ما بين المعقفين صورة ما هو بالأصل. ولمّا نُلهم تقدير صوابه، وإدراك خلله، وقد تُقرأ على غير هذا الوجه (انظر صورتها) والسياق مفهوم بدونها على أية حال، وعلى أي وجه قرئت.
(٥) في الأصل: "بالزهوق".
(٦) مكانها بياض بالأصل.
(٧) في الأصل: "وبعض العضو".
(٨) زيادة من المحقق.