الجثة؛ فإن السم إذا نفذ قد يتسرع البلى إلى الجثة، وجسد الميت محترم على الوجوب، ولعل الأصحَّ الأولُ.
ولو سلمنا السيف إلى ولي القصاص، فضرب غير الموضع المقصود فإن كان يضرب الرقبة فيما زعم، فلم يصبها السيف، نُظر: فإن بان تعمده بضرب الرِّجْل أو غيرها، والسيف لا يتعدى الرقبة إلى الرجل، فإنا نعزّر الوليّ بما يراه الوالي.
ثم قال الشيخ أبو بكر (١): لا يصرفه عن ذلك، ولكن يعزّره ويهدده بمزيد التشديد عليه لو عاد إلى مثل ما بدر منه.
وقال بعض أصحابنا: يأخذ السيفَ منه؛ فإنا لا نأمن أن يفعل ثانياً مثلَ ما فعل أولاً، والأوجه ما ذكره الصيدلاني؛ فإن حقه في التعاطي ينبغي ألا يبطل بعدُ، وإن صدر منه ما صدر (٢)، كما لو جرحَ الجاني قبل الارتفاع إلى مجلس الوالي، فيبعد أن لا يسلم السيف إليه لما تقدم منه من الجرح والمَثُلة.
ولو ظهر لنا أنه أخطأ في الضرب، ولم يتعمد، وقد يبينُ ذلك بأن يتعدى السيف من الرقبة إلى الكتف، أو إلى القَمَحْدُوة (٣)، فإذا أخطأ، لم يعزر، ولكن قال الشيخ أبو بكر: يُعْزل ويؤخذُ السيف منه، ويقال له: استنب، وليس كالعامد (٤) والفرق أن العامد لم يبن لنا خُرقه في الأمر، ولكنه اعتدى، فنهيناه، ونحن له -إن أعاد- بالمرصاد. وأما المخطىء، فتبين أنه ليس يحسن الأمر، ولا ينفع زجره.
وذهب بعض الأصحاب إلى أن المخطىء لا يعزل، بل يعزّر، وهؤلاء هم الذين قالوا: العامد يعزل.
١٠٤٠٧ - ولا بد في تمام الفصل من استدراكات في مواضعَ: أقربُها أن ما ذكره الشيخ أبو بكر في الخطأ من العزل يجب أن يكون فيمن لم نعرفه ماهراً بضرب الرقاب، والماهر قد يخطىء ولا يضرب، ولا يجوز أن يكون فيه خلاف. ومن قال: المخطىء
(١) أبو بكر: أي الصيدلاني، كما سيصرح به بعد أسطر.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) القَمَحْدُوة: عظمة بارزة في مؤخر الرأس فوق القفا، الجمع قماحد. (المعجم).
(٤) في الأصل: "كالعاقد".