غرامة المتقوّمات، فاتجه على بُعدٍ تضمين المبتدر؛ من جهة أنه يبعد تبعّض القتل قصاصاًً وظلماً، فيبعد الحكم بوقوع القصاص لمن لم يأذن فيه (١) فاضطررنا في هذا المقام إلى تضمين المبتدر لأنه في حكم من قبض حق (٢) غيره، ولم يوفِّه عليه، فهذا هو الوجه عندنا في توجيه القولين.
التفريع عليهما:
١٠٤٣٦ - إن قلنا: رجوع الولي الذي لم يأذن على تركة القتيل القاتل، فيرجع بنصف دية أبيه، ثم هم يرجعون بنصف دية القتيل القاتل على الابن المبتدر؛ فإنه في هذا النصف ظالمٌ بالقتل غيرُ مستوفٍ، ثم قد تختلف أقدار الديتين كما نبهنا عليه.
فإن قلنا: رجوع الابن الذي لم يأذن على أخيه المبتدر، فلا طلبة على تركة القتيل القاتل، ويطالِب من لم يأذن أخاه المبتدر بنصف دية أبيه المقتول ظلماً أولاً، ثم إذا غرم هذا المبتدر لأخيه، فلا يرجع بما ضمنه على تركة القتيل القاتل، فإنا نزلنا قتله (٣) استيفاءً، فكيف نجمع بين القتل المحكوم بكونه استيفاء، وبين الرجوع في المال؟
وقد جرى في أثناء الكلام قَطْعُ الأصحاب أولاً بأن الأجنبي إذا قتل مَنْ عليه القصاص، فليس القصاص مما يُضمن بالتفويت، فإن قيل: ألستم ذكرتم وجهين فيمن قتل جماعةً ترتيباً، وجعلنا حق استيفاء القصاص لولي الأول فابتدره ولي الثاني وقتله - في أن هذا الولي هل يغرم لولي الأول ديةَ قتيله؟ قلنا: ذاك بعدُ لا اتجاه له، وإنما أشار إليه بعض أصحاب القاضي، ولا ينبغي أن تشوش (٤) قواعدُ المذهب بمثل ذاك الوجه.
ثم هو على بعده منفصل عن الأجنبي؛ من جهة أن قتله وقع مستحَقاً له، فكان تفويته من جهة الاستيفاء، لا من جهة الإتلاف المحض. فهذا ما أردناه في ذلك.
وكل هذا في ابتدار أحد الوليين قبل عفو الثاني.
(١) في الأصل: "من لم يأذن فيه".
(٢) في الأصل: "بحق".
(٣) في الأصل: "فله استيفاء".
(٤) في الأصل: "تشق بين"، وهو تصحيف جعل الكلمة الواحدة كلمتين.