يجب فيه أرشٌ كامل؛ لأن الجارح وإن اتحد واتحدت الجراحة، فالحكم مختلف؛ فإن الزيادة ظلم أو خطأ، فكان اختلافهما بمثابة تعدد الجانيين، هذا وجهٌ.
ومن أصحابنا من قال: نوزع أرشاً تقديراً على الموضحة التي جرت، ونسقط ما يقابِلُ منه (١) القصاصَ، ونوجب أرش (٢) الباقي. وهذا القائل ينظر إلى اتحاد الجراحة والجارح، والأصح الأول، وهو الذي استقر عليه جواب الققال.
ولو وجب القصاص في موضحة، فأراد من له القصاص أن يقتص من بعضها، ويرجع إلى قسط من الأرش في الباقي، فقد اختلف أصحابنا: فمنهم من قال: ليس له ذلك؛ فإن الموضِحة جرحٌ واحد، فلا يتبعض حكمه، وليس كما لو قطع رجل أصبعين من رجل آخر، فللمجني عليه أن يقتص من إحدى الإصبعين، ويرجع في الأخرى إلى المال؛ فإنهما قطعان، لكل واحد منهما حكم التميز عن الآخر.
والوجه الثاني - أن له أن يرجع في البعض إلى قسط من الأرش؛ فإن القدر الذي يقتص منه يتصور ثبوت القصاص فيه وحده، فلا يبعد التبعيض على الوجه الذي وصفناه.
ويخرج على هذا التردد أنه لو قال مستحق المَصاص: عفوت عن القصاص في نصف هذه الجراحة، فهل يتضمن هذا إسقاطَ القصاص في الجميع؟ فعلى ما ذكرناه.
ولو وقع ابتداء الإيضاح خطأ، ثم تمادى الجاني واعتمد وزاد، فلا أعرف خلافاً أن القصاص يجب في محل العمد، وإن اتّحدت (٣) الجراحة.
١٠٤٦٣ - ولو أوضح مواضع من رأس إنسان وترك في خلل قطع العظام لحوماً لا جلود عليها، فظاهر المذهب أن الكل في حكم الموضحة الواحدة، فإن الجراحة شملت جميع الموضع، فكانت في بعضها إيضاحاً، وفي بعضها متلاحمة، ولو كان
(١) في الأصل: "فيه".
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) في الأصل: "انجرت".