بجرح، كان نادراً، وقد يقع التأكّل وسقوط الأجرام، هذا أحد القولين.
والقول الثاني - إن السراية فيهما جميعاً موجبةٌ للقصاص؛ طرداً للقياس في منتهى سرايات الجراحات، والدليل عليه أن زهوق الروح بقطع الأكلة ليس بالعام الذي يحكم بأنه الغالب، ثم إذا أفضت الجراحة التي وصفناها إلى زهوق، الروح، تعلق وجوب القصاص بها (١).
١٠٤٧١ - فإن جرينا على ظاهر المذهب، وفرّقنا بين لطيف البصر وبين جِرم الأعضاء، فقد كان شيخي يتردد في بطش الأطراف التي فائدتها البطش، فيقول: يجوز أن يجعل كلطيفة البصر (٢) حتى يقال: إذا أذهبت الجناية بطشَ عضوٍ، جرى القصاص فيه، كما يجري في لطيفة البصر، وقد نص على ذلك صاحب التقريب في كتابه، وكان شيخي لا يُبعد أن يُفرّق بين البطش وبين لطيفة البصر، فقال: إزالة البطش بالسراية يعسر عسر إزالة الأجرام، بخلاف لطيفة البصر؛ فإنها ألطف المعاني وأحراها بأن تؤثر النكايات فيها، ونزّل الأصحاب لطيفةَ السمع منزلة لطيفة البصر، ولا يبعد أن تُلحق بهما منفعةُ الكلام.
ثم للأئمة تردد في العقل إذا أزاله الجاني، وسبب التردد أنه من وجهٍ لطيفةٌ، ومن وجه يبعد تناوله والاستمكانُ من إزالته، وأحرى اللطائف البصر والسمع، وبينهما الكلامُ، ويلي الكلامَ البطشُ، وأبعدُ المعاني عن الإزالة العقلُ.
والأصحاب مترددون في جميعها، بعد ما قدمناه من القول في أجرام الأعضاء، فإن لم يكن من ذكر الخلاف بُدٌّ، فليرتبها الفقيه على المراتب التي ذكرناها.
هذا تفصيل القول فيما يوجب القصاص في الأطراف.
(١) حكى الرافعي طريقة ثالثة نسبها إلى العراقيين حكوها عن أبي إسحاق وهي: "تخريج قولٍ من نصه على أن سراية الأجسام لا تضمن بالقصاص من الضوء، والامتناع عن التخريج في الأجسام من الضوء" انتهى بنصه. والمعنى: في البصر قولان وفي الأجسام المنع لا غير. (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ٢١٨).
(٢) في الأصل: "كل طيفة البصر".