١٠٤٧٢ - وتتمة الكلام فيه أن الروح لما كانت مقصودة بالسراية، فإذا جنى الرجل جناية يقصد بها القتل، فأدت إلى الزهوق، وأجرينا (١) القصاص في تلك الجناية فسرى جرحُ القصاص إلى نفس المقتص منه، فالنفس بالنفس.
وينتظم مما ذكرناه أن السراية في الروح يجب فيها القصاص، ويقع بها القصاص، وقد ذكرنا أن ظاهر المذهب أن السراية لا توجب القصاص في ذوات الأعضاء وأجزائها.
فلو قطع يدَ رجل، فقطع المجني عليه أصبعاً من يد الجاني، فسرى القطع، وتأكّلت اليد، وسقطت، فهل يكون سقوط يد الجاني بطريق السراية واقعاً عن جهة القصاص؟ فعلى قولين مأخوذين من معاني قول (٢) الشافعي، وعبر الأئمة فيهما، فقالوا: ما يجب القصاص فيه بالسراية يقع القصاص فيه بالسراية، كالروح، والبصرُ في ظاهر المذهب ملحق بالروح، وكذلك السمع.
وما لا يجب القصاص فيه بالسراية كأجرام الأعضاء هل يقع فيها القصاص بالسراية؟ فعلى قولين.
وهذا فيه فضل نظر: فإن قلنا: يقع القصاص بالسراية، فلا كلام.
وإن قلنا: لا يقع القصاص بالسراية، فاليد التي قطعها الجاني حكمها أنها لم يُستوف منها إلا الإصبع (٣)، وأما السراية التي ترتبت على قطع الإصبع، فهي مشكلة على هذا القول؛ فإنا إن أهدرناها، كان بعيداً، من حيث قطَع الإصبع، ولم يكن له قطعها، وقد يعارض هذا أن اليد له، والجراحات الواقعة بها، وإن كانت على خلاف الشرع مهدرة، كما لو استحق رجل نفسَ إنسان، ولم يكن له إلا ضرب رقبته، فلو قطع أطرافه عصى، ولكن لا يضمن.
وَيرِد على ذلك أن جراحاته لو سرت لم تهدر سرايتها، فالإهدار على حالٍ مشكل،
(١) في الأصل: "فأجرينا".
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) عبارة الأصل: "حكمها يأتي عليه لم يستوف منها إلا الإصبع" والتصرف من المحقق. نرجو أن يكون صواباً.