فمنعنا الاقتصاص من الكتف، فللمجني عليه القطع من المرفق، والرجوع إلى حكومة العضد.
ولو وقع القطع من المرفق (١) وقد أوضحنا أن القصاص يجري فيه، فلو أراد المجني عليه أن يقطع من الكوع، لم نمكنه من ذلك، فإنه قادر على وضع حديدة القصاص في الموضع الذي وضع الجاني حديدة الجناية عليه، فإذا أمكنت رعاية المساواة، فلا معدل عنها، ومستحِق القصاص مخير بينها وبين ترك القصاص إحساناً (٢).
ولو قال من قطعت يده، وقد تمكن من قطع يد الجاني: مكنوني من قطع أنملة من يد الجاني وأنا أقنع بهذا، فلا يجاب إلى ذلك.
ثم إذا كان قَطَعَ الجاني من المرفق، وأمكن إجراء القصاص فيه، فابتدر المجني عليه، وقطع يد الجاني من الكوع، فقد أساء، ولكن وقعت اليد قصاصاًً، فلو قال: مكنوني الآن من القطع من المرفق، فإني كنت مستحقّاً لذلك، لم نسعفه بذلك أصلاً، ولو قال: إذا أبيتم هذا فأثبتوا لي حكومة الساعد، لم نثبتها، وقلنا له: أنت تركت حقك مع القدرة عليه، ورضيت ببعض حقك. هكذا قال الأصحاب.
١٠٤٨٢ - ولو وقع القطع من نصف الساعد، فقد ذكرنا أن للمجني عليه أن يقطع يد الجاني من الكوع، فلو قال (٣): ألقط أصابعه، لم نمكنه، لتعدد الجراحات، وهذا عظيم الموقع، وهو متمكن من القطع من الكوع، وهو أهون وأكمل.
ولو وقع القطع ابتداء من نصف العضد، فأراد المجني عليه أن يقطع من الكوع، مع تمكينه من القطع من المرفق، فهل له ذلك؟ فعلى وجهين: أحدهما - ليس له ذلك؛ فإن المرفق أقرب إلى محل الجناية. والوجه الثاني - له ذلك، فإن حديدة
(١) في الأصل: "ولو وقع القطع من القطع." وهو سبق قلم من الناسخ.
(٢) في الأصل: "إحسا" هكذا تماماً بدون نقط. والمثبت أقرب ما يكون لصورتها ولأداء معنى مناسب للسياق، وهو من عمل المحقق طبعاً.
(٣) في الأصل: "فلو أراد قال" والتصرف بالحذف من المحقق.