صاحب الأنملة العليا، التحقت المسألة في الوسطى بمسألة المجنون؛ إذ لا ترتب إلا من جهة سقوط الأنملة العليا بآفة، وسبيل الانتظار في هذا كسبيل الانتظار في زوال الجنون، فلئن انقدح طلب المال في مسألة الحامل، فلا بد من طردها في الصبي، ثم لا يخفى بعد ما ذكرناه ترتيب المراتب وتنزيلها على حقائقها.
هذا استقصاء ما ذكره الأصحاب.
١٠٥٠٣ - فأما المباحثة التي جرت للقفال، قال شيخي: قلنا للقفال: إذا قَطَع الوسطى ممن لا عليا له، وإصبع الجاني سليمة، فلا نجيب المجني عليه إلى طلب القصاص، ولو سقطت الأنملة العليا، فهل نقول: لا قصاص الآن أيضاًً؛ فإن الجناية جرت والقصاص غيرُ ممكن حالةَ جريانها؟ فقال: المسألة محتملة، فلا يبعد أن يسقط القصاص رأساً، بخلاف ما إذا جنت الحامل؛ فإنا ننتظر وضعها، إذ الحمل كان طارئاً (١) على الخلقة، والأنملة العليا من أصل خلقة الجاني.
وهذا التردد الذي ذكره القفال رضي الله عنه فيه إذا لم يقطع إلا الوسطى وأصبعه كاملة، فأما إذا قطع العليا، ثم قطع الوسطى ممن لا عليا له، فليس هذا موضع تردد القفال، فإن العليا كأنها مقطوعة، من جهة أنها مستحَقة لصاحب العليا.
قال شيخي: لو قطع رجل سليمُ اليدين يداً شلاء، فلا قصاص، ولو شَلّت يد القاطع وساوت (٢) اليدَ المقطوعة، فقال المقطوع: الآن أطلب القصاص، فهل له ذلك؟ قال (٣): القفالُ خرّجه (٤) على الوجهين المذكورين في الأنملة الوسطى، ثم رجع عن هذا التردد، وقطع القولَ بأن اليد التي شَلَّت، وكانت سليمة عند الجناية لا تقطع، فإن الكمال بالسلامة مَنَع وجوب القصاص، فإن الصفة لا يقدّر تميّزها عن الموصوف، والأنملة العليا ليست صفة للوسطى.
ولو قتل حر كافر ذميٌّ عبداً كافراً، ثم نقض العهدَ الذميُّ، فأُرق، لم يجرِ
(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: "فسارت".
(٣) القائل الشيخ أبو محمد، شيخ الإمام.
(٤) في الأصل: "أخرجه".