والذي يقتضيه الترتيب اتخاذ نص الشافعي أصلاً في الباب، ثم تنزيل المسائل على مراتبها.
قال الشافعي رضي الله عنه: "إذا قُتل إنسان وخلف ابناً (١) مجنوناً، فلا سبيل إلى استيفاء حقه من القصاص في حالة الجنون؛ فإن استيفاء القصاص لا يدخل تحت الولايات"، ثم قال الشافعي: "لو أراد ولي المجنون أن يأخذ المال، كان له ذلك".
هذا هو النص، وذكر بعض الأصحاب فيه تخريجاً.
وما ذكره الشافعي متجه، من جهة أن الجنون (٢) ليس له حدّ (٣)، وقد ينتهي إلى اليأس من الزوال، ولو لم نجوّز أخْذَ المال، ولا سبيل إلى استيفاء القصاص، لكان هذا قريباً من التعطيل. هذا وجه النص، ثم إذا جرينا عليه، وأثبتنا تغريمَ من عليه القصاص المالَ، فلو زال الجنون، ففي العَوْد إلى القصاص وردّ المال خلاف مشهور.
ولو كان القصاص ثابتاً لصبي، فبلوغه منتظر، ثم الذي ذكره الأصحاب أن الولي لا يطلب المال، فإن الصِّبا له حدّ (٤)، وما ذكره الصيدلاني في الحامل يضاهي ما ذكرناه في الصبي؛ فإن وضع الحمل منتظر كزوال الصبا.
ومسألة الأنملة العليا والوسطى دون الجنون، من قِبل أن الجنون لا يتعلّق بزواله انتظار ثابت، وثبوت الاقتصاص في الوسطى متعلق بضربٍ من (٥) الترقب؛ فإن الظاهر أن صاحب القصاص في العليا يطلب حقه، ولكن ليس له مردّ (٦) بخلاف الحمل والصبا، وليس ببعيدٍ (٧) عن الترقب، بخلاف الجنون. نعم، لو عفا
(١) في الأصل: "أباً". وهو خلاف المفهوم من المسألة.
(٢) في الأصل: "المجنون".
(٣) في الأصل: "أخذ".
(٤) في الأصل: "الصبي له أجر".
(٥) في الأصل: "في".
(٦) في الأصل: "أمر".
(٧) في الأصل: "يبعد".