فإن تركه لتعيين السبب يشعر بأنْ لا سبب، وإن أورد (١) الوارث سبباً حيث لا يحتمل الاندمال، فهذه مسألة صاحب التقريب.
وفي هذا فضل نظر: فيظهر من فحوى كلامه أولاً أنه إذا لم يعيّن سبباً، وكان الاندمال محتملاً، فالجواب بخلاف ما إذا كان لا يحتمل الاندمال، وهذا له خروج حسن على التردد الذي ذكر صاحب التقريب.
فأما إذا كنا لا نكلف الوارث إثبات ما يعينه بالبينة، فلا حاجة (٢) إلى تعيينه، وإن كنا نكلفه إثباته بالبينة، فلا بد من التعيين لتقوم البينة عليه، ولو شهد عدلان أنه مات بسبب غير الجرح وسريانه، فلست أرى لقبول هذه الشهادة وجهاً (٣)، هذا إذا أمكن الاندمال، وجرى ذكر سبب مطلق.
فأما إذا لم يمكن (٤) الاندمال، فما ذكره الصيدلاني مصرَّح بأنه لا يقبل قول الوارث؛ فإنّ ترك تفسير السبب يطرِّق التهمة.
وهذا الذي ذكره على حسنه ليس ينفي أي احتمال (٥) تخريجاً على أنه لو عيّن سبباً، لم يطالب بإثباته. نعم، لا بد أن يتعرض في يمينه لإحالة الموت على سبب غير السريان. هذا بيان الاختلاف في طرفٍ من المسألة.
١٠٥٤٥ - ونحن نفرض نقيض هذا في مقصود آخر، فنقول: إذا جُرح الرجل جراحةَ عمدٍ ثم مات المجروح، فقال الوارث: مات بسراية جرحك، فعليك القصاص من النفس، وقال الجارح: بل مات بسب آخر، فلا قصاص عليّ، فهذا يفصّل حسب ما فصل الكلام في الصورة الأولى.
فإن لم يُجريا ذكرَ سبب وردّا الدعوى والإنكار إلى الاندمال، فلا يخلو: إما أن يتطاول الزمان بحيث يفرض الاندمال فيه، وإما أن يقصر، فإن طال الأمد، فالقول
(١) مكان كلمة غير مقروءة بالأصل.
(٢) في الأصل: "ولا حاحة".
(٣) لأنه يشهد على أنه مات بسبب غير الجراحة بدون أن يعين السبب.
(٤) في الأصل: "يكن".
(٥) في الأصل: "على حسبه ليس ينبغي من احتمال".