قطع، وقد قلنا: إنه لو قطع يد رجل، فأخذ المقطوعُ يدِه الأرشَ (١) وعفا عن (٢) القصاص، ثم سرت الجراحة إلى نفسه، فلا قصاص في النفس على المذهب، وكذلك هاهنا. هذا أحد الوجهين.
والوجه الثاني -وهو الصحيح الذي لا يجوز غيره- أنه يجب القصاص في النفس بسبب أنه لما عاد، فقتله، فليس القتل من أثر الجراحة التي أخذ أرشها وعفا عن القصاص فيها، وإنما هو قتلٌ ابتدأه، فلا يورِّث العفوُ عن الطرف شبهةً فيه.
وقالوا: لو جرح رجل رجلاً جراحة لا يتعلق بها القصاص، فأخذ المجني عليه الأرشَ (٣)، ثم سرت الجراحة إلى نفسه، فيجب القصاص في النفس وجهاً واحداً، فإنَّ أخذه المال في هذه الصورة، لم يتضمن عفواً عن قصاص؛ إذ الجراحة مما لا يتعلق بمثلها قصاص، وليس كقطع اليد ونحوه، فإن القصاص يتعلق به، فإذا عفا عن القصاص فيه، فيجوز ألا يترتب على سرايتها إلى النفس وجوبُ القصاص.
وهذا الذي ذكروه (٤) آخراً فيه أدنى احتمال؛ من قِبَل أن الجراحة وإن لم تكن موجبةً للقصاص، فهي سبيل القصاص، وقد يقع القتل بمثلها في إقامة المماثلة، وأخذُ المال يشعر بالعفو، فلا يبعد أن يصير ذلك شبهة في إسقاط القصاص في النفس إذا كان الهلاك بالسراية لا يقتل بمثله (٥).
فصل
قال: "ولو جنى عبدٌ على حرٍّ فابتاعه ... إلى آخره" (٦).
١٠٥٦٥ - العبد إذا جنى على مالٍ أو على عبد جناية موجبها المال، وتعلق الأرش
(١) في الأصل: "بالأرش".
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) في الأصل: "الجاني".
(٤) في الأصل: "وهذا هو الذي ذكروها.
(٥) في الأصل: "لا يقبل بفسخ".
(٦) ر. المختصر: ٥/ ١٢٥. وفي الأصل: ولو جنى على عبدِ حرٌّ، والتصويب من المختصر.