برقبته، فللمولى (١) أن يبيع العبد الجاني بأرش الجناية من المجني عليه، إذ الأرشُ دراهمُ إذا كان المجني عليه مالاً، والدراهمُ معلومة، ثم لو اطلع المجني عليه بعيبٍ بالعبد، قال الأصحاب له الرد، وأثر الرد انفساخ البيع، ثم لا يرجع على السيد بشيء ويعود حقه إلى رقبة العبد، والسيد بالخيار بين أن يفديه، وبين أن يسلمه للبيع.
وهذا فيه فضل نظر، فإنه إذا لم يكن للمجني عليه تعلُّقٌ إلا الرقبة، فأي فائدة في رده، والأمر كما نبهنا عليه.
فإن قيل: فائدة رده أنه يملك مطالبة العبد إذا عَتَق يوماً. قلنا: هذا سديد، ويلزم منه أن نقول: إذا لم نجعل للعبد ذمةً في الجناية، فلا معنى لهذا الرد أصلاً.
فإن قيل: المالك يبغي (٢) أن يباع ويسلم إليه الثمن، قلنا: فليبعه بنفسه.
والمسألة على حالٍ محتملة؛ فإن قاعدة الرد بالعيب ليست مبنية على الأغراض (٣).
١٠٥٦٦ - ولو جنى العبد على حرٍّ وكان أرشُ الجناية من الإبل، فلو باع السيد العبد من المجني عليه بالأرش، فهل يصح البيع؟ فوجهان؛ بناء على أن الاعتياض من إبل الدية هل يجوز أم لا؟ وفيه خلاف سأذكره، إن شاء الله تعالى.
ثم الترتيب: أنا إن جوزنا الاعتياض، ففي جواز بيع العبد بأرشٍ هو من الإبل من المجني عليه وجهان: أحدهما - لا يجوز الاعتياض عنه. والثاني - يجوز؛ فإن هذه المعاملة ليست لإيفاء أرش أو استيفاء، وإنما هو لسراية الدية والإبراء عن الأروش من الإبل جائز.
ومن نظائر ذلك أن المرأة إذا جنت على رجل جناية أرشها خمسٌ من الإبل، فلو نكحها بالأرش، ففي صحة الصداق الخلاف الذي ذكرناه في بيع العبد من المجني عليه بالأرش الذي في رقبته.
(١) في الأصل: "وللمولى".
(٢) مكان كلمة غير مقروءة رسمت هكذا: (الما ـ ـعى) وبدون نقط.
(٣) عبارة الرافعي: "فحق الرد بالعيب ولاية شرعية، لا يبنى على مثل هذه الأغراض" (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ٣٠٨).