وهذا إذا قطع الجاني الثاني العضو.
فأما إذا أذهب بقية (١) المنفعة، فلا (٢) يلزمه إلا بقيةُ الدية على خلافٍ، وهذا إذا كان زوال القدر المقدر من المنفعة بجناية جانٍ.
فأما إذا سقط نصف الكلام بآفةٍ أو خُلِقَ الرجلُ كذلك، ففي هذا خلاف بين أصحابنا: منهم من قال: يجب على القاطع تمام الدية، والنقصان الكائن (٣) بمثابة ضَعف البطش، والسمع، والبصر، من طريق الخِلقة.
ومنهم من قال: إذا تقدّر الفائت، لم يجب على الجاني كمال الدية، وحُطَّ ما يقابِل الناقص، وليس كنقص البطش والبصر؛ فإنّه لا ينضبط.
هذا مجامع الكلام.
١٠٦١٨ - فإن قلنا: نحط النقصان، وكان سبب النقصان الآفة، ففي هذا فضل نظر، فإذا كان الرجل لا يحسن إلا عشرين حرفاً، ولكن كان فَطِناً متهدِّياً إلى مناظم الكلام، مستمداً من موارد اللغة، وكان يعبر بالعشرين عن جميع المعاني، ففي هذا وجهان: أحدهما - أنه في حكم الكامل؛ فإنه يعدّ ناطقاً تاماً. والثاني- أنه ناقص واقتداره على أداء المعاني ليس من كمال كلامه، وإنما هو من معرفته باللغة وذكاء قريحته، وفرط كَيْسه.
ولا يبقى على من يُنْعم النظر في هذا الفصل أمرٌ خافٍ في هذا الغرض، وهو أنا ذكرنا أن نقصان المنفعة إذا لم يكن منضبطاً، وكان حصوله بآفة، فلا اعتبار به، والدية تكمّل على قاطع العضو، ومُذهب المنفعة.
هذا أصلٌ طرده الأصحاب في الباب.
وقد يعترض فيه الضعيف النظر الذي يمكن الحكم بسقوط معظم بصره والفرضُ (٤)
(١) في الأصل: كلمة غير مقروءة رسمت هكذا: "العننر" تماماً.
(٢) في الأصل: "ولا".
(٣) في الأصل: "الكامل".
(٤) في الأصل: "الغرض".