فهذا بيان التغايير التي تحدث بعد الجناية.
١٠٦٣٤ - ثم إن المزني اختار أن عود السن المثغور لا حكم له، وهو نعمة جديدة من الله تعالى، واحتج في نظره ذلك بأن من قطع لسان إنسان، ثم عاد ونبت، فما وجب لا يسقط، فليكن عود السن المثغور كذلك (١).
وقد اختلف أصحابنا على طريقين فيما ذكر: فذهب الأكثرون إلى أحد القولين في عود اللسان، وهذا إن كان يتصور، فإنما يتصور في قطع فلقة من جانب من اللسان، وهو بعيد في التصوّر أيضاً.
ومن أصحابنا من سلم للمزني ما ذكره، وقال: إنما قلنا في السن المثغور ما قلناه اعتباراً بالسن الذي لم يُثغر، وليس في اللسان ما يناظر السن الذي لم يثغر؛ حتى نلحقَ اللسان به، فأجرينا القياس في اللسان، وفي الأسنان ما ذكرناه من السن الذي لم يثغر.
فهذا منتهى القول في هذه التقاسيم، والله أعلم.
١٠٦٣٥ - وقد عاد بنا الكلام إلى التفريع على القولين في السن المثغور، فنفرض صوراً، ونفرع حكمها على القولين، فنقول: وصفنا القولين فيه إذا قلع السن ممن ثُغر فغرم (٢) الأرش، ثم عاد السن من المجني عليه، ففي استرداد الأرش ما ذكرناه من القولين.
ولو اقتصصنا من الجاني، فعاد سنُّ المجني عليه بعد الاقتصاص، ولم يعد سن الجاني، فالمذهب أن القولين يفرعان، فيقال (٣) فيهما: إن قلنا: لا حكم لعود السن، فلا ننظر إلى العود، وقد جرى القصاص بحقٍّ، وإن أثبتنا للعود حكماً، فيغرم المجني عليه للجاني الذي اقتص منه أرش سنه الذي قلعه في ظاهر الأمر قصاصاً.
وحكى صاحب التقريب عن أبي الطيب بن سلمة من أئمتنا أنه قال: لا يجب على
(١) ر. المختصر: ٥/ ١٣٢.
(٢) في الأصل: "يغرم".
(٣) في الأصل: "فقال".