ولو قلع جانٍ واحدٌ، فقلع الأسنان واحداً واحداً، ولم يتخلل اندمالٌ، ولا غرامةُ أرش، ففي هذه الصورة طريقان: أحدهما - القطع بإيجاب الأروش بالغةً ما بلغت (١)؛ لتعدّد الأفعال وترتبها.
والثانية - أن المسألة تخرّج على القولين اللذين ذكرناهما.
١٠٦٣٩ - ومن الأصول في الأسنان أن اللحيين فيهما دية كاملة، وهي من مباني البدن، ولا يخفى ظهور وقعهما ومنفعتهما وعِظم أثرهما.
ثم قال الشافعي رضي الله عنه: "الأسنان العليا في عظم الرأس، والسفلى في اللحيين" (٢) وقصد بذلك التعرض لأرش اللحيين (٣)، وهو أن من قلع لحيي شخص، وألزمناه الدية، فهل تلزمه أروش الأسنان مع دية اللحيين؟ فعلى وجهين: أحدها - أنها تتبع؛ فإن المتركب على الشيء إذا قُلع مع أصله، لم يفرد كل واحدٍ منهما بأرش الانفراد، والأقيس إثبات الأروش مع دية اللحيين (٤).
١٠٦٤٠ - إذا ضرب سنَّ إنسان فاسودّ، فقد اختلف نصّ الشافعي فيه، فقال في موضعٍ: "يلتزم الحكومة" وقال في موضع يلتزم عقلها (٥)، فقال المزني: أجعل المسألة على قولين، واختار إيجاب الحكومة، واحتج بأن منفعة السن باقية: من القطع والمضغ وغيرهما (٦).
فقال الأئمة: ليست المسألة على قولين، بل النصان منزلان على حالين: فحيث
(١) زيادة من المحقق.
(٢) ر. المختصر: ٥/ ١٣٢.
(٣) زيادة من المحقق.
(٤) تداخل الكلام على اللحيين والجناية عليهما مع الأسنان التزاماً من الإمام بترتيب (السواد) أي مختصر المزني.
هذا مع أن الغزالي (تلميذ الإمام) جعل الجناية على اللحيين فصلاً قائماً بذاته، فقال: الثامن (أي من الأطراف) اللحيان، وأتى بها -ومثله الرافعي والنووي- عقب الفراغ من الأسنان، ولكن إمامنا -التزاماً منه بترتيب المختصر- تخلل بها بين مسائل الأسنان.
(٥) زيادة اقتضاها السياق، من معنى كلام الشافعي في المختصر. (السابق نفسه).
(٦) السابق نفسه.