فيه، فإنه رضي الله عنه ذكر القسمين، وحكم فيهما (١) بحكم واحد، فاقتضى ذلك التسوية.
واستدل المزني بمفهوم الكلام الأخير، وقال: لما قال: "إن كان في حال يتم فيه لأحدٍ من الأجنّة حياة، ففيه الدية" فمفهومه أنه إذا كان لا يتم في مثله الحياة لا تجب الدية.
ولا معنى لهذا التَّطريق، وصَدْرُ الكلام صريح في إيجاب الدية، وإن (٢) كانت الحياة لا تتم، فما الذي يُطرِّقُ (٣) إلى الكلامين خروجهما عن صيغة التسوية مع اشتمالهما على مقصود التسوية؟
١٠٨٥٨ - ثم استكمل أصحابنا الكلام في ذلك، فقالوا: إذا جنى جانٍ، فأسقطت المرأة جنيناً حيّاً (٤) عليه أثر الجناية، ثم مات، وظهر انتساب موته إلى الجناية، وجب دية كاملة على عاقلة الجاني.
ولو كانت المسألة بحالها، فانفصل الجنين حيّاً، فابتدره إنسان وقتله، نُظر: فإن كانت الحياة مستقرة، وجب على القاتل القصاص، أو الدية الكاملة؛ فإن الذي صدر منه عمدٌ محضٌ.
وإن انفصل وهو في حركة المذبوح، وعليه أثر الجناية، فابتدره إنسان وحزّ رقبتَه، فلا شيء على هذا الثاني، والدية بكمالها على عاقلة الجاني الأول، والذي هو في حركة المذبوح في حكم الميت، وقد قدمنا استقصاء هذا في كتاب الجراح.
ولو كان في الجنين المنفصل حياة مستقرة، وأوجبنا القصاص على من قتله، فهل نوجب على الجاني حكومة؟ اختلف أصحابنا في المسألة: فمنهم من قال: يجب عليه الحكومة، كما لو جرح إنساناً جرحَ حكومة، فجاء آخر، فاحتز رقبته، فعلى الجارح حكومة.
(١) في الأصل: "منها".
(٢) في الأصل: "فإن".
(٣) في الأصل: "والذي يتطرق".
(٤) في الأصل: "جنى".