في التعزيرات التي تجب في حقوق الله تعالى. فالوجه حمل النفي على أن يُطلبوا، حتى إذا صودفوا أقيمت عليهم الحدود إن استوجبوها، وإن لم يستوجبوها، رأى الإمام رأيه في تعزيرهم.
ثم إذا كان الطلب لأجل التعزير، لم يتعين على الإمام الطلب، كما لا يتعين عليه التعزير لو ظفر بهم.
نعم، يجب عليه بالنظر الكلي (١) نفضُ جميع الطرق عن أهل الفساد، وكان شيخي يقول: من تغليطات حدود المحاربين أن الأئمة اختلفوا في أن من استوجب حداً وهرب هل يسقط الحد عنه؟ وهؤلاء إذا استوجبوا الحدود وهربوا (٢)، فلا يجوز أن يتركوا، بل يلحق الطلب بهم؛ فإنّ تركهم يجر شراً عظيماً قد يتفاقم، ويبلغ مبلغاً يعجز الإمام عن استدراكه. وقد انتهى بعضُ التفصيل في عقوبات الحرابة.
١١١٨٤ - ونحن الآن نعقد فصلاً في استيجاب القتل بالقتل في حالة المحاربة، فنقول: إذا صدر القتل من المحارب خطأ، أو على وجهٍ شبه العمد، فلا خلاف أنه لا يستوجب القتل، وإن قتل عمداً محضاً من يكافئه، وجب القتل، وهذا القتل متحتم، لا يجد ولي القتيل إلى إسقاطه سبيلاً. هذا متفق عليه.
وذكر الأئمة قولين مستخرجين من أصول المذهب في أن هذا القتل يتمحض (٣) حقاً لله تعالى، أم فيه حقّ لله تعالى (٤) ويشوبه حق الآدمي: أحد القولين - أنه يتمحض (٥) حدَّاً، والثاني - أنه مشوب بحق الله تعالى، وحق الآدمي.
وبنى الأئمة على هذين القولين مسائل: أحدها - أنه لو قتل المحارب من لا يكافئه، ولا يستوجب القصاص بقتله في غير المحاربة، فهل يجب القتل عليه؟ إن حكمنا بأن قتل المحارب يتمحض حقاً لله تعالى، فلا ينظر إلى صفات الكفاءة،
(١) في الأصل: " يجب عليه التعزير بالنظر الكلي ". والمثبت من (ت ٤).
(٢) فى الأصل: " وخرجوا ".
(٣) في الأصل: " يمحض ".
(٤) زيادة من (ت ٤).
(٥) في الأصل: " تمحض ".