ولا يوالي بالسياط على موضعٍ من بدنه، ولا بأس بضرب الرأس عندنا، وعن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال لمن كان يقيم الحدّ اضرب الرأس، فإن الشيطان في الرأس، ومنع أبو حنيفة (١) ضرب الرأس.
ولا يضرب في الحر الشديد، والبرد المفرط، فإن فعل فأدى إلى التلف، فنص الشافعي أنه لا يجب الضمان. وقد مضى هذا على أبلغ وجه في البيان.
ولو وقع الضرب بخشبة فوق الوسط أو فُرض تحامل مفرط في الضرب، فالذي نراه أنه يتعلق الضمان به، وليس كالضرب في الحرّ الشديد، فإن سبب نفي الضمان على القول الظاهر امتناعُ تأخير حدود الله تعالى إذا رأى الإمام ألاّ يؤخر، والزيادة على المطلوب في جِرم السياط خروجٌ عن المقدار المستحق، وكذلك القول في التحامل المفرط في الضرب.
والمرأة تُضرب جالسةً وتُربط عليها ثيابها حتى لا تنكشف.
١١٢٣٤ - ومما يجب الاعتناء به أن الضربات أصلها أن تكون متوالية، فإن فُرّقت، فكيف الوجه؟ وإلى ماذا الرجوع؟ إن فرّق الأسواط على الأيام، فكان يضرب في كل يومٍ سوطاً. قال القاضي: لا يعتد بهذا. والأمر على ما ذكره؛ فإن مقصود الحد من الإيلام الناجع الزاجر لا يحصل على هذا الوجه، وكذلك لا يحصل. التنكيل أيضاً، ثم لو أقام خمسين سوطاً وِلاءً في يومٍ، وأقام خمسين أخرى في يومٍ آخر، جاز.
وهذا الفصل فيه انتشار، والممكن في ضبطه: أنه إن ظهر سقوط أثر الألم لتفرق الأسواط على الزمان، كما فرضه القاضي من وقوعها آحاداً (٢) في أيامٍ، أو كان يقع سوطان في كل يومٍ، فهذا ليس بحد.
وإن كان المقدار الواقع مؤثراً، أي لم يتخلل من الزمان ما ينقطع فيه أثر الأول،
(١) ر. مختصر الطحاوي: ٢٦٤، فتح القدير: ٥/ ١٨، تبيين الحقائق: ٣/ ١٧٠، الاختيار: ٤/ ٨٥.
(٢) مكان كلمة غير مقروءة بالأصل، رسمت هكذا: " أملا " والمثبت تصرف منا على ضوء ما مضى من حكاية قول القاضي.