الدعوى يوجب ألا يشترط لفظ الشهادة، ولا أعرف له نظيراً في الشريعة، والأوجه اشتراط لفظ الشهادة إذا اشترطنا العدد.
وعلى الوجهين لا بد من اعتبار صفات الشهود بعد العدالة والثقة من الحرية وغيرها، فإذا اكتفينا بواحد، فلا يشترط لفظ الشهادة، وفي اشتراط الحرية خلاف يداني خلافَ الأصحاب في قول المخبر عن هلال رمضان.
والأصح أن نُجريَ المترجمَ والمُسمعَ -إذا لم يُشترط العدد- مجرى الراوي (١).
١١٩٠٢ - فإذا أردنا نظم مجامع الكلام؛ فالمترجم والمسمع على ما قدمنا. وقطع الأصحاب باشتراط العدد في المقوّم إذا اتصل القضاء به؛ فإنه مَناطُ الإلزام، وهو أمس للّزوم وأخص به من الترجمة.
ولا يشترط العدد في القائف تأسّياً بالحديث، وعليه معوّل القيافة.
واختلف الأئمة في القاسم والخارص، فقال قائلون: هذا بمثابة الحاكم، فلا عدد، ومنهم من اشترط العدد، وهو القياس كالمقوّم، وليس يتجه بين المقوم والخارص فرق؛ فإن كل واحد منهما يبني قوله على التخمين والحَدْس مع الاستمساك ببصيرةٍ عنده. ولولا حديث عبدِ الله بن رواحة بالخرص، لقطعنا بإلحاق الخارص بالمقوّم، وفيه فقه خفي المُدرك- وهو أن الخرص لا يخلو من نوع مجازفة، فالحكم به يقع اتباعاً لمورد الشرع، ولو فرضنا خارصين، لبعُدَ اتفاقهما، وفيه تعطيل التعويل على الخرص، فيبقى بعد ذلك النظر إلى القسمة والتقويم.
فنقول: إذا كان القسمة لا تستقل إلا بتقويم؛ فلا بد من اشتراط العدد، وإن كانت القسمة مرجعها إلى درك الأقدار المحسوسة، فهي من وجه كالتقويم، ومن وجه يُكتفى فيها بالواحد الخبير الموثوق به، فإنه ليس يشهد بشيء، وإنما يمهّد أمراً وينشئه، ولو كانت كالشهادة، لما قُبلت شهادة قسّام وإن كثروا؛ فإنهم عن أفعالهم يُخبرون.
هذا تنزيل القول في هذه القواعد.
(١) أي في عدم اشتراط الحرية، والعدد.