حِين يقبل على دَار القَاضِي الْفَاضِل يخرج لتلقيه فَقعدَ على الْبَاب زَمَانا طَويلا ليؤذن لَهُ
فَأَما الرجل الَّذِي كَانَ مَعَه وَأَشَارَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ هرب حَيَاء من القَاضِي كَمَال الدّين وَصَارَ كَمَال الدّين وَولده
فَخرج الطواشي وَذكر أَن الْفَاضِل نَائِم
فَقَامَ كَمَال الدّين وَعَاد إِلَى دَار فِي أَسْوَأ حَال
وسرى القَاضِي الْفَاضِل فِي أثْنَاء اللَّيْل لتلقي صَلَاح الدّين وجاراه الْكَلَام حَتَّى انْتهى إِلَى ذكر كَمَال الدّين فَقَالَ ياخوند هَذَا رجل مُعظم فِي الْعلم والسؤدد وأفعال نور الدّين عِنْد النَّاس مسددة وَكَانَ مِنْهَا تَعْظِيم هَذَا الرجل وغالب مَا ينْسب إِلَيْهِ كذب وَأما مَا ذكر من كَثْرَة دخله فَهُوَ وَإِن كثر دون كثير من أُمَرَاء المملكة وَلَعَلَّه أَحَق بِبَيْت المَال وأمواله من كثير مِنْهُم فَالَّذِي أرَاهُ تَعْظِيمه وَكَذَا وَكَذَا
وَعَاد إِلَى الْبَلَد مصبحا قبل دُخُول صَلَاح الدّين وَتوجه إِلَى دَار كَمَال الدّين فَجَلَسَ على الْبَاب وَطلب الْإِذْن
فَلَمَّا دخل الْخَادِم ليستأذن كَمَال الدّين عَلَيْهِ مضى وَلم يلبث علما مِنْهُ بِأَن كَمَال الدّين سيجازيه على عدم خُرُوجه لَهُ وَلَا يخرج لقُوَّة نفس كَمَال الدّين فَكَانَ كَذَلِك دخل الْخَادِم إِلَى كَمَال الدّين فاعتل بعلة وَلم يخرج فَخرج الْخَادِم فَلم يجد الْفَاضِل
ثمَّ لما عبر السُّلْطَان الْبَلَد وَبَدَأَ بالجامع فصلى فِيهِ قيل إِن الْفَاضِل أَخذه من الْجَامِع وَجَاء بِهِ إِلَى دَار كَمَال الدّين وَصَارَت لَهُ الْيَد الْبَيْضَاء عِنْد كَمَال الدّين بِهَذِهِ الْوَاقِعَة وتصادقا