وَظهر كَلَامه عَلَيْهِم واعترفوا بفضله وتلقاه الصاحب بالتعظيم والتبجيل وولاه تدريس مدرستة بِبَغْدَاد وَأمره بالتوجه إِلَيْهَا
فَقدم بَغْدَاد فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة ودرس بالنظامية وأعجب الْخلق حسن كَلَامه وَكَمَال فَضله وفصاحة لِسَانه ونكته الدقيقة وإشاراته اللطيفة وأحبوه
وَأقَام على التدريس وتدريس الْعلم ونشره بالتعليم والفتيا والتصنيف مُدَّة عَظِيم الجاه زَائِد الحشمة عالي الرُّتْبَة مسموع الْكَلِمَة مَشْهُور الِاسْم تضرب بِهِ الْأَمْثَال وتشد إِلَيْهِ الرّحال إِلَى أَن عزفت نَفسه عَن رذائل الدُّنْيَا فرفض مَا فِيهَا من التَّقَدُّم والجاه وَترك كل ذَلِك وَرَاء ظَهره وَقصد بَيت الله الْحَرَام
فَخرج إِلَى الْحَج فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ واستناب أَخَاهُ فِي التدريس
وَدخل دمشق فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ فَلبث فِيهَا يويمات يسيرَة على قدم الْفقر
ثمَّ توجه إِلَى بَيت الْمُقَدّس فجاور بِهِ مُدَّة
ثمَّ عَاد إِلَى دمشق وَاعْتَكف بالمنارة الغربية من الْجَامِع وَبهَا كَانَت إِقَامَته على مَا ذكر الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر فِيمَا نَقله عَنهُ الذَّهَبِيّ وَلم أَجِدهُ فِي كَلَامه
وَكَانَ الْغَزالِيّ يكثر الْجُلُوس فِي زَاوِيَة الشَّيْخ نصر الْمَقْدِسِي بالجامع الْأمَوِي الْمَعْرُوفَة الْيَوْم بالغزالية نِسْبَة إِلَيْهِ وَكَانَت تعرف قبْلَة بالشيخ نصر الْمَقْدِسِي
قَالَ لحافظ ابْن عَسَاكِر أَقَامَ الْغَزالِيّ بِالشَّام نَحوا من عشْرين سنة كَذَا نقل شَيخنَا الذَّهَبِيّ وَلم أجد ذَلِك فِي كَلَام ابْن عَسَاكِر لَا فِي تَارِيخ الشَّام وَلَا فِي التَّبْيِين