وَقد رَأَيْت لِلْحَافِظِ صَلَاح الدّين خَلِيل بن كيكلدى العلائى رَحمَه الله على هَذَا كلَاما جيدا أَحْبَبْت نَقله بعبارته قَالَ رَحمَه الله وَمن خطه نقلت يَا لله الْعجب من أَحَق بِالْإِخْرَاجِ والتبديع وَقلة الدّين
وَهَذِه نخب وفوائد عَن الإِمَام أَبى حَاتِم
ذكر فى صَحِيحه حَدِيث أنس فى الْوِصَال وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إنى لست كأحدكم إنى أطْعم وأسقى)
ثمَّ قَالَ فى هَذَا الْخَبَر دَلِيل على أَن الْأَخْبَار الَّتِى فِيهَا ذكر وضع النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحجر على بَطْنه كلهَا أباطيل وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا الحجز لَا الْحجر والحجز هُوَ طرف الْإِزَار إِذْ الله عز وَجل كَانَ يطعم رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويسقيه إِذا وَاصل فَكيف يتْركهُ جائعا مَعَ عدم الْوِصَال حَتَّى احْتَاجَ إِلَى شدّ الْحجر على بَطْنه وَمَا يغنى الْحجر عَن الْجُوع
قلت فى هَذَا نظر وَقد أخرج ابْن حبَان قبل هَذَا بأوراق يسيرَة حَدِيث ابْن عَبَّاس خرج أَبُو بكر بالهاجرة ... الحَدِيث وَفِيه قَول النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (والذى نفسى بِيَدِهِ مَا أخرجنى إِلَّا الْجُوع)
وفى الْجُوع أَحَادِيث كَثِيرَة والجوع لَا يقتضى نقصا بل فِيهِ رفْعَة لدرجاته الْعليا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَالْجمع بَين ذَلِك وَقَضِيَّة الْوِصَال أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت لَهُ أَحْوَال بِحَسب مَا يختاره الله تَعَالَى لَهُ ويرتضيه فَتَارَة الْجُوع وَتارَة التقوية على الصَّوْم وكل حَال بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ فى وَقتهَا أكمل وَأولى هَكَذَا كَانَ خطر لى والذى أَنا عَلَيْهِ الْآن أَنى لَا أدرى من حَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى الْجُوع شَيْئا والذى أعتقده أَنه كَانَ جوعا اختياريا لَا اضطراريا وَأَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقدر على طرده عَن نَفسه إِمَّا بِأَن تَنْصَرِف عَنهُ شَهْوَة الطَّعَام وَالشرَاب مَعَ بَقَاء الْقُوَّة بِإِذن الله وَإِمَّا بتغذية الله الْمُغنيَة لَهُ عَن الطَّعَام وَالشرَاب وَإِمَّا بتناول الْغذَاء فقد كَانَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَادِرًا على ذَلِك