ذكر صَاحب الكافى هَذَا الْمَعْنى لَكِن بِعِبَارَة لم أستحسن حكايتها
ثمَّ قَالَ خرج إِلَى الْعرَاق فتفقه على أَبى إِسْحَاق المروزى والصيرفى وطبقتهما ثمَّ رَجَعَ إِلَى خوارز وَأَقْبل على التدريس والتذكير والتصنيف فى أَنْوَاع الْعُلُوم
وَأَطْنَبَ فى وَصفه بِالْعلمِ وَالدّين إِلَى أَن قَالَ وَكَانَ عَارِفًا بمذاهب عُلَمَاء السّلف وَالْخلف أصولا وفروعا رَقِيق الْقلب بكاء منكبا فى التَّذْكِير صنف فى الْأُصُول كتاب الْهِدَايَة وَهُوَ كتاب حسن نَافِع كَانَ عُلَمَاء خوارزم يتداولونه وينتفعون بِهِ وصنف فى الْفُرُوع كتاب الحاوى بناه على الْجَامِع الْكَبِير لأبى إِبْرَاهِيم المزنى وَكتاب الرَّد على الْمُخَالفين وكتبا أخر كَثِيرَة
قَالَ أَبُو سعيد الكرابيسى وَكَانَت لَهُ صدقَات يتَصَدَّق بهَا فى السِّرّ حَدَّثَنى بعض أَصْحَابنَا أَنه كَانَ يُعْطِيهِ مَالا وَيَقُول اذْهَبْ إِلَى الوادى وقف على شطه حِين كَانَ يجمد ففرقه على الضُّعَفَاء الَّذِي يحملون الْحَطب على عواتقهم ويسعون فى نَفَقَة عِيَالهمْ
قَالَ ثمَّ خرج إِلَى الْحَج سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وثلاثمائة فجاور بِمَكَّة حَتَّى قضى الصَّلَوَات الَّتِى صلاهَا بخوارزم فى الْخفاف وَالْفراء الَّتِى اخْتلف الْعلمَاء فى الصَّلَاة مَعَهُمَا ثمَّ انْصَرف إِلَى بَغْدَاد فَمَال الْخلق إِلَيْهِ واجتمعوا عَلَيْهِ وصنف بهَا كتاب الْعمد وسألوه الْمقَام بهَا فَأبى إِلَّا الرُّجُوع إِلَى وَطنه فَرجع إِلَى خوارزم وَاسْتقر بهَا إِلَى أَن مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة وَدفن يَوْم السبت سنة نَيف وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَأكْثر النَّاس فِيهِ المراثى
قَالَ صَاحب الكافى وَلَا أرى لَهُ رِوَايَة فى الحَدِيث فَلَعَلَّهُ كَانَ فَقِيها صرفا وَلَو كَانَت لَهُ أَحَادِيث لَكَانَ لَهُ ذكر فى تَارِيخ بَغْدَاد وتاريخ سَمَرْقَنْد وَلَا ذكر لَهُ فيهمَا وَفِيه لما مَاتَ يَقُول أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن قطن
(ليبك دَمًا من كَانَ للدّين باكيا ... فَإِن إِمَام النَّاس أصبح ثاويا)
(فَقدنَا بفقدان الْفَقِيه مُحَمَّد ... مَكَارِم غادرن الْعُيُون هواميا)