قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (وهل نُجازِي) بالنون، (إلا الكفورَ) فالله يقول:
هل نجازي، أى: ما نُجازِي. إلا الكفورَ منصوب بالفعل.
وَمَنْ قَرَأَ (هل يجازَى) فهو على ما لم يسم فاعله، أى لا يُجازَى إلا الكفورُ لنعمة ربِّه.
ويسأل السائل فيقول: لم خصَّ الكفور بالمجازاة دون غيره؟
والجواب فيه أن المؤمن تكَفرُ حسناتُه سيئاتِه، فأما الكافر فإنه يحبط عمله كله، ويُجازَى بكل سوء عَمِلهُ، كما قال اللَّه: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) ، أى: أبطلها وأحبطها فلم تَنْفَعْهم.
وأما المؤمن فإنَّ الله أعلمنا أن حسناته تكفر سيئاته، فلا يجازى بسيئاته؛ لأن إيمانه يُعَفَّى عليها، فالمجازاة بالسيئات لِلكافر دون المؤمن،
وهذا معنى قوله: (وَهَلْ يُجَازى إِلَّا الكَفُورُ)
والمؤمن يُجْزَى ولا يُجَازى؛ لأنه يُزادُ في الثوابِ،
ولا يناقش في الحساب، ويُطَهَّرُ من الذنوب.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (بَعِّدْ) بغير ألف، وكذلك روى هشام بن عمار
لابن عامر، وروى غيره عنه (بَاعِدْ) .
وقرأ يعقوب الحضرمي (رَبُّنَا بَاعَدَ) بالنصب.
وقرأ الباقون (رَبَّنَا بَاعِدْ) بألفٍ.