وقرأ الباقون {حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا} وحجتهم قراءة عبد الله: «حقيق بأن لا» (١).
فحدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء قال (٢) الباء بمعنى «على» كقول العرب/رمى عن القوس وبالقوس، وفلان على حال حسنة وبحال حسنة.
وقال غير الفراء: فى قراءة عبد الله «حقيق أن لا» بغير باء، فإن فى قراءة نافع
فى موضع رفع، وفى قراءة الباقين فى موضع نصب وفى موضع خفض.
٢٣ - وقوله تعالى: {أَرْجِهْ وَأَخاهُ} ١١١.
قرأ أبو عمرو وابن كثير بهمزة ساكنة جعلاه من أرجئت الأمر أى:
أخرته، ومنهم (المرجئة)، لأنّهم أرجئوا العمل فقالوا: الإيمان قول بلا عمل وأخطئوا؛ لأنّ الله تعالى ذم قوما آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، وهم المنافقون، فقال تعالى: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} (٣) فلا يصحّ الإيمان إلا بثلاثة أشياء نطق باللّسان وعمل بالجوارح وعقد بالقلب. وعلامة الجزم فى أرجئه سكون الهمزة، كما تقول: أقرئ زيدا السلام ثم تكنى فتقول أقرئه.
وكان أبو عمرو يصل الهاءين بضمة مختلسة، وابن كثير يلفظه كالواو «أرجهو وأخاهو».وقد بيّنت علة ذلك فيما سلف.
وقرأ نافع والكسائى فى رواية: ورش بالصّلة «أرجهى وأخاه»، ويسقطان الياء للجزم ويصلان الهاء بياء؛ لانكسار ما قبلهما، أعنى أرجهى، وهما لغتان
(١) قراءته فى معانى القرآن للفراء: ١/ ٣٨٦، والبحر المحيط: ٤/ ٣٥٦ وهى قراءة أبىّ.
(٢) معانى القرآن: ١/ ٣٨٦.
(٣) سورة الفتح: آية: ١١.