بعدها شرط، والجواب (لتؤمنن به).
قوله تعالى: آتَيْتُكُمْ «١» يقرأ بالنون والألف، وبالتاء من غير ألف. فالحجة لمن قرأ بالنون: أن الله تعالى أخبر عن نفسه بنون الملكوت على ما قدمناه «٢». والحجة لمن قرأ بالتاء: أنه أتى بالكلام على ما يوجبه الإخبار عن المتكلم إذا أخبر بفعله عن نفسه. ومثله في (الحج): فَكَأَيِّنْ «٣» مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها «٤» وأَهْلَكْناها. والخبران باللفظين عن الله عز وجل.
قوله تعالى: بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ «٥». يقرأ بضم التاء والتّشديد، وبفتحها والتخفيف.
فالحجة لمن شدّد: أنه أبلغ وأمدح، لأنهم ما علّموا حتى علموا، فعلّموا غيرهم، ودرسوا لأنفسهم. والحجة لمن خفف: أنه أتى باللفظ الأول ليوافق به اللفظ الثاني «٦». وهذا من شرطه أن يحمل بعض الكلام على بعض للموافقة.
قوله تعالى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ «٧». وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ «٨». يقرءان بالياء والتاء. فالحجة لمن قرأهما بالتاء: أنه أراد: قل لهم يا محمد مخاطبا: أفغير دين الله تبغون؟ أي تطلبون، ب أنتم عالمون أنكم إليه ترجعون. والحجة لمن قرأ بالياء أنه إخبار من الكفار كأن الله عز وجل عجّب نبيّه عليه السلام منهم فقال له: «أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ» مع علمهم أنهم إليه يرجعون؟
والحجّة لمن قرأ الأول بالياء، والثاني بالتاء: أنه فرق بين المعنيين فجعل الأول للكفّار، وأشرك المؤمنين في الرجوع معهم. وهذا حذق بالقراءة ومعرفة بمعانيها.
قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ «٩». يقرأ بكسر الحاء، وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه أراد: الاسم. والحجة لمن فتح: أنه أراد: المصدر. ومعناهما في اللغة:
القصد.
(١) آل عمران: ٨١.
(٢) انظر: ٩٧ عند قوله تعالى: يُبَيِّنُها.
(٣) في الأصل (وكأين) وهو تحريف
(٤) الحج: ٤٥
(٥) آل عمران: ٧٩.
(٦) وهو قوله تعالى: تَدْرُسُونَ الآية نفسها. آل عمران: ٧٩.
(٧) آل عمران: ٨٣.
(٨) آل عمران: ٨٣.
(٩) آل عمران: ٩٧.