قوله تعالى: وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ «١». يقرأ بالياء، والتاء. والأمر فيهما قريب.
فمن قرأهما بالتاء جعل الخطاب للحاضرين وأدخل الغيّب في الجملة.
ومن قرأ بالياء وجه الخطاب إلى الغيّب، وأدخل الحاضرين في الجملة، ولهذا المعنى كان أبو عمرو يخير بينهما.
قوله تعالى: وَلا يَضُرُّكُمْ «٢». يقرأ بكسر الضاد وإسكان الراء والتخفيف، وبضم الضاد والراء والتشديد، فالحجّة لمن كسر وخفف: أنه أخذه من (الضير)، ودليله قوله تعالى: لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ «٣». وسكون الراء علامة للجزم لأنه جواب للشرط «٤».
والحجة لمن شدد: أنه أخذه من (الضّرّ) «٥» الذي هو ضد النفع. وأصله: «يضرركم» فنقل حركة الرّاء إلى الضاد، وأسكن الراء الأولى، ودخل الجازم، فأسكن الثانية، فصارتا راء مشددة، وحركت لالتقاء الساكنين، فلا علامة للجزم فيها. وشاهد ذلك قول الشّمّاخ:
متى ما تقع أرساغه مطمئنة ... على حجر يرفضّ أو يتدحرج
«٦» قوله تعالى: مُنْزَلِينَ «٧». يقرأ بالتشديد، والتخفيف. فالحجة لمن شدد أنه: أخذه من نزّل فهو منزّل، والملائكة منزّلون. والحجة لمن خفّف: أنه أخذه من: أنزل فهو منزل، والملائكة منزلون إلّا أن التشديد لتكرير الفعل ومداومته كما ذكرت لك «٨».
قوله تعالى: مُسَوِّمِينَ «٩». يقرأ بكسر الواو، وفتحها. فالحجّة لمن كسر: أنه جعل التسويم للخيل، والملائكة مسوّمة لها. والحجة لمن فتح أنه: جعل التسويم للملائكة والله عز وجل فاعل بها. والتسويم: الإعلام فهو في الخيل: صوف أحمر. وقيل: أبيض في أذنابها، وآذانها. وفي الملائكة بعمائم صفر، ولذلك أعلم حمزة في ذلك اليوم بريشة
(١) آل عمران: ١١٥.
(٢) آل عمران: ١٢٠.
(٣) الشعراء: ٥٠.
(٤) في قوله تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا ....
(٥) قال الأزهري: كل ما كان سوء حال وفقر وشدة في بدن فهو ضرّ بالضم وما كان ضد النفع فهو بفتحها.
(٦) ديوان الشمّاخ: مخطوط رقم (٥٤٨ ب) - دار الكتب المصرية.
(٧) آل عمران: ١٢٤.
(٨) انظر: ٨٧ عند قوله تعالى: فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا.
(٩) آل عمران: ١٢٥.