أنه ردّه على (النعاس). والحجة لمن قرأه بالتاء: أنه ردّه على (الأمنة).
وكلّ ما في كتاب الله ممّا قد رد آخره على أوله يجري على وجوه: أولها: أنه يردّ على أقرب اللفظين، كقوله: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها «١». والثاني: أن يرد إلى الأهم عندهم، كقوله: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها «٢». والثالث: أن يردّ إلى الأجلّ عندهم، كقوله: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ «٣». والرابع: أن يجتزأ بالإخبار عن أحدهما، ويضمر للآخر مثل ما أظهر كقوله: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ «٤».
قوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ «٥». يقرأ بالنصب والرفع. فالحجة لمن نصب:
أنه جعله تأكيدا للأمر، ولله: الخبر. والحجة لمن رفع: أنه جعله مبتدأ، ولله: الخبر.
والجملة خبر إنّ.
قوله تعالى: وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ «٦». يقرأ بضم الميم وكسرها. فالحجّة لمن ضم:
أنه أجراه على أصله من ذوات الواو، كقولك: قلت تقول، وجلت تجول. والحجة لمن كسر: أنه بناه على خفت تخاف، ونمت تنام. والضم أفصح وأشهر.
قوله تعالى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ «٧». يقرأ بالياء والتاء. وقد تقدم من الحجة في أمثاله ما يغني عن إعادته «٨».
قوله تعالى: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ «٩». يقرأ بفتح الياء وضم الغين، وبضم الياء وفتح الغين. فالحجة لمن فتح الياء: أنه جعله من (الغلول) «١٠». ومعناه: أن يخون أصحابه بأخذ شيء من الغنيمة خفية.
(١) التوبة: ٣٤
(٢) الجمعة: ١١.
(٣) التوبة: ٦٢.
(٤) التوبة: ٣.
(٥) آل عمران: ١٥٤.
(٦) آل عمران: ١٥٨.
(٧) آل عمران: ١٥٦.
(٨) انظر: ١١٣، آل عمران ١١٥، وقد تكررت هذه القراءة كثيرا ولذلك كان يكتفى بالإحالة إليها.
(٩) آل عمران: ١٦١.
(١٠) قال أبو عبيد: الغلول: في المغنم خاصة، ولا نراه من الخيانة ولا من الحقد. ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة أغلّ يغلّ، ومن الحقد غلّ يغلّ بالكسر ومن الغلول غل يغل بالضم. انظر: (الصحاح للجوهري: غلل).