والحجة لمن ضم الياء: أنه أراد أحد وجهين: إمّا من الغلول. ومعناه: أن (يخوّن) «١» لأنّ بعض المنافقين قال يوم بدر- وقد فقدت قطيفة حمراء من الغنيمة: خاننا محمد وغلّنا، فأكذبه الله عز وجل. وإمّا من الغلّ، وهو: قبض اليد إلى العنق. ودليله قول (ابن عباس):
«قد كان لهم أن يغلّوا النبي صلى الله عليه وأن يقتلوه» «٢». والغلّ معروف «٣». والغلّ: المصدر.
والغلّ: الحقد. والغلل: الماء في أصول الشجر «٤». والغليل: حرارة العطش.
قوله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ «٥». يقرأ بكسر الهمزة وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه جعلها مبتدأة. ودليله قراءة عبد الله: (والله لا يضيع) بغير (إنّ). والحجة لمن فتح: أنه عطف على قوله: «يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ، وأن الله، يريد: وبأن الله.
قوله تعالى: وَلا يَحْزُنْكَ «٦». يقرأ بفتح الياء وضم الزاي، وبضم الياء وكسر الزاي.
فالحجة لمن فتح الياء: أنه أخذه من: حزن يحزن حزنا. والحجة لمن ضم الياء: أنه أخذه من:
أحزن يحزن حزنا. ولم يسمع إحزانا وإن كان القياس يوجبه.
وقال الخليل «٧»: جاء عنهم ضم الحاء في موضع الرفع والخفض، كقوله وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ «٨» وجاء عنهم الفتح في موضع النصب كقوله: أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ «٩».
قوله تعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ «١٠» وما بعده في الأربعة مواضع «١١» يقرأن بالياء والتاء.
(١) بضم الياء وفتح الخاء، وتشديد الواو. قال القرطبي: ويحتمل معنيين: أحدهما: يخان أي يؤخذ من غنيمته.
والآخر: يخوّن: أن ينسب إلى الغلول (القرطبي ٤: ٢٥٥)، وهذا المعنى الأخير هو الذي ذكره ابن خالويه.
(٢) قال خصيف. فقلت لسعيد بن جبير: ما كان لنبيّ أن يغل فقال: بل يغل ويقتل. انظر: أسباب نزول القرآن لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري: ١٢٢.
(٣) وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه انظر: (النّهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير ٣: ٣٨٠).
(٤) والجمع أغلال (انظر الصحاح للجوهري: غلل).
(٥) آل عمران: ١٧١.
(٦) آل عمران: ١٧٦.
(٧) الخليل له ترجمة في كتاب (القرآن الكريم وأثره في الدراسات النحوية: ٨٢) للمحقّق.
(٨) يوسف: ٨٤.
(٩) فاطر: ٣٤.
(١٠) آل عمران: ١٧٨.
(١١) انظر: الآيات: ١٦٩، ١٨٠، ١٨٨، من سورة آل عمران.