ما تأتي أمثاله من المصادر المزيد فيها كقولك: الضّربان والهملان «١».
ومعنى قوله: (ولا يجرمنكم) يريد: لا يكسبنكم «٢»، من قولهم: فلان جريمة أهله، أي كاسبهم.
قوله تعالى: أَنْ صَدُّوكُمْ «٣». يقرأ بفتح الهمزة، وكسرها. فالحجة لمن فتح: أنه أراد: لا يكسبنكم بعض قوم، لأن صدّوكم، أي لصدهم إيّاكم. والحجة لمن كسر:
أنه جعلها حرف شرط، وجعل الماضي بعدها بمعنى المضارع.
قوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ «٤». يقرأ بالنصب والخفض. فالحجة لمن نصب: أنه ردّه بالواو على أول الكلام، لأنه عطف محدودا على محدود، لأن ما أوجب الله غسله فقد حصره بحدّ، وما أوجب مسحه أهمله بغير حدّ. والحجة لمن خفض: أن الله تعالى أنزل القرآن بالمسح على الرأس والرّجل، ثم عادت السّنة للغسل. ولا وجه لمن ادّعى أنّ الأرجل مخفوضة بالجوار، لأن ذلك مستعمل في نظم الشعر للاضطرار وفي الأمثال. والقرآن لا يحمل على الضرورة، وألفاظ الأمثال.
قوله تعالى: قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً «٥». يقرأ بإثبات الألف والتخفيف، وبطرحها والتشديد «٦».
فالحجة لمن خفف: أنه قال أصله: (قاسوة) لأنه من القسوة، فانقلبت «٧» ياء لكسرة السين.
والحجة لمن شدد: أنه قال: أصلها: (قسيوة) فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن قلبوا الواو ياء وأدغموها، فالتشديد لذلك.
وقال بعض اللغويين: معنى قاسية: شديدة- ومعنى قسّية: رديئة، من قولهم:
درهم قسّى أي بهرج. وقيل: معناهما: لا يرقّ بالرحمة.
(١) قال النيسابوري: «الشنآن بالتحريك والتسكين: مصدر شنأته أشنؤه، وكلاهما شاذ، فالتحريك شاذ في المعنى، لأن فعلان من بناء الحركة والاضطراب كالضّربان، والخفقان، والتسكين شاذ في اللفظ، لأنه لم يجئ شيء من المصادر عليه. قاله الجوهري: (تفسير غرائب القرآن، ورغائب الفرقان) هامش تفسير الطبري ٥: ٤٨».
(٢) أي لا يكسبنكم بغض قوم الاعتداء، أو لا يحملنكم بغضهم على الاعتداء.
(٣) المائدة: ٢
(٤) المائدة: ٦.
(٥) المائدة: ١٣.
(٦) أي تشديد الياء.
(٧) أي الواو.