انقلبت ياؤه ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها. وأصله عند الكوفيين رعى «١» فحذفوا حرفا كراهة للتشديد وألحقوا الهاء عوضا مما حذفوا فانقلبت الياء ألفا، لأن ما قبل الهاء لا يكون إلّا مفتوحا.
قوله تعالى: أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ «٢». يقرأ بكسر الجيم، وفتحها، وضمّها. وهن لغات كما قالوا في اللبن: رغوة ورغوة، ورغوة، والكسر أفصح. ومعنى الجذوة:
عود في رأسه نار.
قوله تعالى: مِنَ الرَّهْبِ «٣». يقرأ بضم الراء، وفتحها، وبفتح الهاء وإسكانها فقيل:
هن لغات. ومعناهن: الفزع. و «الجناح» «٤» من الإنسان: اليد.
والمعنى: إنه لما ألقى العصا، فصارت جانا فزع منها، فأمر بضم يده إلى أضلاعه ليسكّن من روعه.
وقيل الرّهب: هاهنا «الكمّ» «٥» تقول العرب: أعطني ما في رهبتك: فإن صح ذلك فإسكانه غير واجب، لأن العرب تسكّن المضموم والمكسور، ولا تسكن المفتوح، ألا ترى إلى حكاية «الأصمعي» «٦» عن «أبي عمرو» وقال: قلت له: أنت تميل في قراءتك إلى التخفيف فلم لم تقرأ: «يدعوننا رغبا ورهبا» بالإسكان؟ فقال لي: ويلك! أجمل أخف أم جمل؟.
قوله تعالى: فَذانِكَ بُرْهانانِ «٧». يقرأ بتشديد النون، وتخفيفها. قد ذكرت علله في سورة النساء «٨».
فأما البرهانان: فاليد البيضاء من غير سوء أي من غير برص، والعصا المنقلبة جانّا.
(١) وذهب أبو حنيفة إلى أن رعىّ: جمع رعاة، لأن (رعاة) وإن كان جمعا، فإنّ لفظه لفظ الواحد، فصار ك (مهاة)، ومهى. انظر: (لسان العرب: رعى).
(٢) القصص: ٢٩.
(٣) القصص: ٣٢.
(٤) في قوله تعالى: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ آية: ٣٢.
(٥) القاموس: الرهب بالتحريك: الكم.
(٦) انظر: ٢٠٥.
(٧) القصص: ٣٢.
(٨) انظر: ١٢١.