قوله تعالى: بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ «١». يقرأ بالتنوين، والإضافة. فمن نوّن أبدل (ذكرى) من (خالصة) وموضعها على هذا خفض، ومن حذف التنوين أضاف لاختلاف اللفظ كقوله: وَلَدارُ الْآخِرَةِ «٢» ولا يبين فيها إعراب لحلول ألف التأنيث فيها طرفا، ولم يأت على بنائها إلّا (شعري) اسم نجم.
قوله تعالى: هذا ما تُوعَدُونَ «٣». يقرأ هاهنا بالياء والتاء. فالتّاء لمعنى مخاطبة الحاضر، والياء للإخبار عن الغائبين، وقد شرحت علله في مواضعه «٤».
قوله تعالى: وَغَسَّاقٌ «٥» يقرأ بتشديد السين وتخفيفها هاهنا، وفي عَمَّ يَتَساءَلُونَ «٦» وهما لغتان «٧»، وقيل: معناه: شراب قاتل ببرده ونتنه. وقيل: ما يسيل من صديد أهل النار.
قوله تعالى: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ «٨».
إجماع القراء على فتح الهمزة والتوحيد «٩» إلا ما قرأه «أبو عمرو» من ضمّها دلالة على الجمع. فالحجة لمن قرأه بالتوحيد قوله تعالى: مِنْ شَكْلِهِ، ولم يقل من شكلهم.
والحجة لمن جمع: أنه شاكل بالجمع بينه وبين قوله (أزواج) ولم يقل (زوج)، وهما في الوجهين لا ينصرفان، لأن (آخر) وزنه (أفعل) ففيه علتان: (الصفة) و (مثال الفعل) و (أخر): وزنه (فعل) ففيه علتان: (الجمع) و (العدل). ووجه عدله:
أن أصله أن يعرّف بالألف واللام، فلما عرّف بغيرهما تركوا صرفه. ومثله: (سحر)
(١) ص: ٤٦
(٢) يوسف: ١٠٩.
(٣) ص: ٥٣.
(٤) انظر: ٨٢ عند قوله تعالى وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ.
(٥) ص: ٥٧.
(٦) النبأ: ٢٥.
(٧) قرأ بالتخفيف عامة، قراء الحجاز والبصرة، وبعض الكوفيين والشّام، وقالوا: هو اسم موضوع للمصدر، وبالتشديد قرأ عامة قراء الكوفة، ووجهوه إلى أنه صفة من قولهم: غسق يغسق غسوقا إذا سال. انظر: (الطبري: ٢٣:
١١٣).
(٨) ص: ٥٨.
(٩) وذلك في قوله تعالى: وَآخَرُ.