لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي «١» فقيل: بتحقيق الإجابة. وقيل: بل بالعيان، لأن المخبر ليس كالمعاين.
قوله تعالى: تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ «٢». يقرأ بإدغام النون وتشديدها، وبالتخفيف وإظهارها وبتحريك الياء وإسكانها. وقد تقدم من الاحتجاج في ذلك ما فيه كفاية «٣» قوله تعالى: فُتِحَتْ أَبْوابُها «٤» وَفُتِحَتْ أَبْوابُها «٥» يقرءان بالتشديد والتخفيف.
فالحجة لمن شدد: أنه أراد: تكرير الفعل، لأن كل باب منها فتح. ودليله: إجماعهم على التشديد في قوله: وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ «٦» ومفتحة لهم الأبواب «٧». والحجة لمن خفف:
أنه دل بذلك على فتحها مرّة واحدة، فكان التخفيف أولى، لأن الفعل لم يتردد، ولم يكثر. فإن قيل: فما وجه دخول الواو في إحداهما دون الآخر؟ فقل: فيه غير وجه.
قال قوم: هي زائدة، فدخولها وخروجها واحد كما يزاد غيرها من الحروف.
وقال آخرون: العرب تعدّ من واحد إلى سبعة وتسميه «عشرا» ثم يأتون بهذه الواو فيسمونها «واو العشر» ليدلوا بذلك على انقضاء عدد، وذلك في مثل قوله تعالى: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ «٨» فلما سمّي سبعة أتى بعد ذلك بالواو، ومثله قوله: وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ «٩»، ومثله قوله تعالى في صفة الجنة وَفُتِحَتْ أَبْوابُها «١٠»، لأن للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة «١١».
(١) البقرة: ٢٦٠.
(٢) الزمر: ٦٤.
(٣) انظر مثلا: ١٤٣ عند قوله تعالى: أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ.
(٤) الزمر: ٧١.
(٥) الزمر: ٧٣.
(٦) يوسف: ٢٣.
(٧) ص: ٥٠.
(٨) التوبة: ١١٢.
(٩) الكهف: ٢٢.
(١٠) الزمر: ٧٣.
(١١) قال ابن القيم: وهذا في غاية البعد، ولا دلالة في اللفظ على الثمانية حتى تدخل الواو لأجلها بل هذا من باب حذف الجواب بنكتة بديعة، وهي أنّ تفتيح أبواب النار كان حال موافاة أهلها ففتحت في وجوههم، لأنه أبلغ في مفاجأة المكروه.
وأما الجنة: وهي مأدبة الله، فقد استدعاهم إليها مفتحة الأبواب وأتى بالواو العاطفة هاهنا الدّالة على أنها جاءوها بعد ما فتحت أبوابها انظر: (بدائع الفوائد ٣ - ٥٤، ٥٥).
وفي رأي ابن جني أنّ الواو هنا زائدة، مخرجة عن العطف. وزيادة الواو أمر لا يثبته البصريون: (الخصائص