وعلى هذا قالوا: رأيت مرتع إبلك، لمرادها الذي ترعى فيه، فهذا لا يكون على اللهو، لأنه جمع ثور راتع أو رتوع.
وأما قراءة أبي عمرو وابن عامر: نرتع ونلعب فيكون:
نرتع على: ترتع إبلنا، أو على أنّنا ننال مما نحتاج إليه وتنال معنا.
فأمّا نلعب فحكي أنّ أبا عمرو قيل له: كيف يقولون:
نلعب وهم أنبياء؟! فقال: لم يكونوا يومئذ أنبياء، فلو صحّت هذه الحكاية عن أبي عمرو، وصحّ عنده هذا التاريخ فذاك وإلا ... فقد قال الشاعر «١»:
جدّت جذاذ بلاعب وتقشّعت ... غمرات قالب لبسة حيران
فكأنّ اللاعب هنا الذي يشمّر في أمره فدخله بعض الهوينى، فهذا أسهل من الوجه الذي قوبل به الحق، وقد روي
عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال لجابر: «فهلّا بكرا تلاعبها وتلاعبك» «٢»
فهذا كأنه يتشاغل بمباح وتنفيس وجمام من الجدّ وتعمّل لما يتقوّى به عمل النظر في العلم والعبادة، وقد روي عن بعض السلف أنه كان إذا أكثر النظر في مسائل الفقه قال:
«أحمضوا»،
وروي: «إنّ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن
(١) البيت غير منسوب في المعاني الكبير ٢/ ٩٦٤ وفسره بقوله: لبس ثوبه مقلوبا من الدهش. وأنشده في إيضاح الشعر ص ٢٧٠. برواية «جداد».
(٢) أخرجه مسلم ٢/ ١٠٨٧ برقم/ ٥٦/. ولا يقصد المصنف المدلول الاصطلاحي لكلمة «روي» والتي تدل على التمريض عند علماء مصطلح الحديث.