{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} (٦١) ومن ذلك قراءة زهير الفرقبى: «الذى هو أدنأ»، بالهمز.
قال أبو الفتح: أخبرنا أبو على عن أبى الحسن علىّ بن سليمان عن أبى العباس محمد ابن يزيد عن الرياشى عن أبى زيد قال: تقول: دنؤ الرجل يدنؤ دناءة، وقد دنأ يدنأ إذا:
كان دنيئا لا خير فيه، غير أن القراءة بترك الهمز: «أدنى». وينبغى أن يكون من دنا يدنو، أى: قريب.
ومنه قولهم فى المعنى: هذا شئ مقارب، للشئ ليس بفاخر ولا موصوف فى معناه. ومن هذه المادة قولهم: هذا شئ دون؛ أى: ليس بذاك، وقولهم: هذا دونك، فينتصب هذا على الظرف، أى هو فى المحل الأقرب. وينبغى أن يكون «دون» من قولك: هذا رجل دون-وصفا على فعل كحلو ومر، ورجل جدّ، أى: ذى جدّ.
وقد يجوز أن يكون فى الأصل ظرفا ثم وصف به، ويؤنّس هذا المذهب الثانى أنّا لا نعرف فعلا تصرف من هذا اللفظ كدان يدون ولا نحوه، ولو كان فى الأصل وصفا لكان حرى أن يستعملوا منه فعلا، كقولهم: قد حلا يحلو، ومر يمرّ وأمرّ يمرّ، وقد جددت يا رجل. قال الكميت:
وجدت الناس غير ابنى نزار … ولم أذممهم شرطا ودونا
*** {فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} (٦١) ومن ذلك قراءة يحيى وإبراهيم: «ما سألتم»، بكسر السين.
قال أبو الفتح: فيه نظر، وذلك أن هذه الكسرة إنما تكون فى أول ما عينه معتلة كبعت وخفت، أو فى أول فعل إذا كانت عينه معتلة أيضا كقيل وبيع وحلّ وبلّ؛ أى:
حلّ وبلّ، وصعق الرجل نحوه. إلا أنه لا تكسر الفاء فى هذا الباب إلا والعين ساكنة أو مكسورة كنعم وبئس وصعق، فأما أن تكسر الفاء والعين مفتوحة فى الفعل فلا.