فإذا كان كذلك فقراءتهما «سألتم» مكسورة السين مهموزة غريب. والصنعة فى ذلك: أن فى سأل لغتين: سلت تسال كخفت تخاف، وسألت تسأل كسبحت تسبح.
فإذا أسندت الفعل إلى نفسك قلت على لغة الواو: سلت كخفت، وهى من الواو؛ لما حكاه أصحابنا من قولهم: هما يتساولان.
ومن همز قال: سألت. فأما قراءته: «سألتم» فعلى أنه كسر الفاء على قول من قال:
«سلتم» كخفتم، ثم تنبه بعد ذلك للهمزة، فهمز العين بعدما سبق الكسر فى الفاء فقال «سألتم»، فصار ذلك من تركيب اللغة.
ومثله ما رويناه عن أبى بكر محمد بن الحسن عن أبى العباس أحمد بن يحيى من قول بلال بن جرير:
إذا جئتم أو سآيلتهم … وجدت بهم علّة حاضره
وذلك أنه أراد فاعلتهم ساءلتهم.
ومن العادة أيضا أن تقلب الهمزة فى هذا الثانى، فيقال: سايلت زيدا، ثم إنه أراد الجمع بين العوض والمعوض منه فلم يمكنه أن يجمع بينهما فى موضع واحد كالعرف فى ذلك؛ لأنه لا يكون حرفان واقعين فى موضع واحد عينين كانا أو غيرهما، فأجاءه الوزن إلى تقديم الهمزة التى هى العين قبل ألف فاعلت، ثم جاء بالياء التى هى بدل منها بعدها فصار: سآيلتهم.
فإن قيل فما مثال: سآيلتهم؟.
قلت: هو فعاعلتهم؛ وذلك لأن الياء بدل من الهمزة التى هى عين والبدل من الشئ يوزن بميزانه، ألا ترى أن من اعتقد فى ياء أينق أنها عين أبدلت قال هى أعفل؛ لأن الياء بدل من الواو التى هى عين نوق، فالياء إذا عين فى موضع العين، كما كانت الواو لو ظهرت فى موضع العين. كما أن ياء ريح وعيد فى المثال عين فعل، كما كانت الواو التى الياء بدل منها عين فعل فى روح وعود، وهذا واضح.
وكذلك قوله أيضا: «سألتم» بكسر الفاء على حد كسرها فى سلتم، ثم استذكر الهمزة فى اللغة الأخرى فقال: سألتم. ويجوز أيضا أن يكون أراد سألتم فأبدل العين ياء كما أبدلها الآخر فى قوله: