وأما «اثنتا عشرة»، بفتح الشين فعلى وجه طريف، وذلك أن قوله: «اثنتى» يختص بالتأنيث، وعشرة، بفتح الشين تختص بالتذكير، وكل واحد من هذين يدفع صاحبه.
وأقرب ما تصرف هذه القراءة إليه أن يكون شبّه اثنتى عشرة بالعقود ما بين العشرة إلى المائة. ألا تراك تقول: عشرون وثلاثون، فتجد فيه لفظ التذكير ولفظ التأنيث؟ أما التذكير فالواو والنون، وأما التأنيث فقولك: ثلاث من ثلاثون، ولذلك صلحت ثلاثون إلى التسعين للمذكر والمؤنث فقلت: ثلاثون رجلا وثلاثون امرأة، وتسعون غلاما وتسعون جارية؛ فكذلك أيضا هذا الموضع.
ألا تراه قال تعالى: {اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً} ف «أَسْباطاً» يؤذن بالتذكير، و «أمم» يؤذن بالتأنيث. وهذا واضح.
وحسن تشبيه اثنتى عشرة برءوس العقود دون المائة من حيث كان إعراب كل واحد منهما بالحرف لا بالحركة، وذلك اثنتا عشرة واثنتى عشرة، فهذا نحو من قولهم:
عشرون وعشرين، وخمسون وخمسين، وتسعون وتسعين، فافهمه.
ومما يدلك على أن ضم أسماء العدد بعضها إلى بعض يدعو إلى تحريفها عن عادة استعمالها قولهم: أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة، وكان قياس أربع وأربعة وخمس وخمسة أن يكون هذا أحد وأحدة، أفلا ترى إلى إحدى-وهى فعلى وأصلها وحدى-كيف عاقبت فى المذكر فعلا، وهو أحد وأصله وحد؟.
فأما إحدى وعشرون إلى التسعين فإنه لّما سبق التحريف إليها فى إحدى عشرة ثبت فيها فيما بعد.
***
{وَقُولُوا حِطَّةٌ} (١٦١) ومن ذلك ما رواه قتادة عن الحسن: «وقولوا حطّة»، بالنصب.
قال أبو الفتح: هذا منصوب عندنا على المصدر بفعل مقدر، أى احطط عنا ذنوبنا حطّة.
قال:
واحطط إلهى بفضل منك أوزارى