ومن يتّق فإن الله معه … ورزق الله مؤتاب وغادى (١)
فأسكن قاف «يتّق» لما ذكرنا، وكذلك شبه السّلمى «ألم تر» بذلك إذ كانت الكسرة أثقل، أو لأنه أجرى الوصل مجرى الوقف.
***
{وَأُدْخِلَ الَّذِينَ} (٢٣)
ومن ذلك قراءة الحسن «وأدخل الذين» (٢)، برفع اللام.
قال أبو الفتح: هذه القراءة على أنّ «أدخل» من كلام الله تعالى، كأنه قطع الكلام واستؤنف فقال الله عز وجل: «وأدخل الذين آمنوا»، أى: وأنا أدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار بإذن ربّهم: أى بإذنى، إلا أنه أعاد ذكر الرب ليضيفه إليهم، فتقوى الملابسة باللفظ، فيكون أحنى وأذهب فى الإكرام والتقريب منه لهم. ومثله فى القرآن: {قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى} (٣)، وقال: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ} (٤)، فهذا كله تحقّق بالله تعالى، وتقرب منه، وانتساب إليه.
***
{كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ} (٢٤)
ومن ذلك قراءة أنس بن مالك «كشجرة طيبة ثابت أصلها» (٥).
قال أبو الفتح: قراءة الجماعة {أَصْلُها ثابِتٌ} أقوى معنى؛ وذلك أنك إذا قلت:
(١) قال فى شرح شواهد الشافية ٢٢٨/ ٤: لما تقدم قبله من تسكين الآخر، والقياس كسر القاف، وقد أورده الجوهرى فى موضعين من صحاحه: فى مادة «أوب» قال: آب رجع، وأناب مثل آب فعل وافتعل بمعنى، وأنشد البيت، وأورده ثانيا فى مادة الوقاية فأصل مؤنات بهمز الواو؛ لأن الهمزة فاء الكلمة، والألف مبدلة من واو عين الكلمة.
(٢) وقراءة عمرو بن عبيد. انظر: (الكشاف ٣٧٥/ ٢، القرطبى ٣٥٨/ ٩، البحر المحيط ٤٢٠/ ٥، مختصر شواذ القراءات ٦٨، مجمع البيان ٣١٢/ ٦، الإتحاف ٢٧٢، العكبرى ٣٨/ ٢، الرازى ١١٦/ ١٩).
(٣) سورة طه الآية (٥٠).
(٤) سورة الأعراف الآية (١٩٦).
(٥) انظر: (الكشاف ٣٧٦/ ٢، البحر المحيط ٤٢٢/ ٥).