{كَلاّ سَيَكْفُرُونَ} (٨٢)
ومن ذلك قراءة أبى نهيك: «كلاّ سيكفرون» (١)، بالتنوين.
قال أبو الفتح: ينبغى أن تكون «كلاّ» هذه مصدرا، كقولك كلّ السيف كلاّ، فهو إذا منصوب بفعل مضمر، فكأنه لما قال: سبحانه: {وَاِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} قال الله سبحانه رادا عليهم: {كَلاّ؛} أى: كلّ هذا الرأى والاعتقاد كلاّ، ورأوا منه رأيا كلاّ، كما يقال: ضعفا لهذا الرأى وفيالة، فتم الكلام، ثم قال تعالى مستأنفا القول: {سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا،} والوقف إذا على {عِزًّا} ثم استأنف فقال: كلّ رأيهم كلاّ، ووقف، ثم قال من بعد: {سَيَكْفُرُونَ،} فهناك إذا وقفان: أحدهما «عزّا»، والآخر «كلاّ»، من حيث كان منصوبا بفعل مضمر، لا من حيث كان زجرا وردّا وردعا.
***
{شَيْئاً إِدًّا} (٨٩)
ومن ذلك قراءة السّلمى: شيئا أدّا (٢)، بالفتح.
قال أبو الفتح: الأدّ، بالفتح: القوة.
قال:
نضون عنّى شرّة وأدّا … من بعد ما كنت صملاّ نهدا
فهو إذا على حذف المضاف، فكأنه قال: لقد جئتم شيئا ذا أدّ؛ أى: ذا قوة. فهو كقولهم: رجل زور وعدل وضيف، تصفه بالمصدر إن شئت على حذف المضاف، وإن شئت على وجه آخر أصنع من هذا وألطف، وذلك أن تجعله نفسه هو المصدر للمبالغة، كقول الخنساء:
ترتع ما غفلت حتّى إذا ادّكرت … فإنّما هى إقبال وإدبار (٣)
إن شئت على ذات إقبال وإدبار، وإن شئت جعلتها نفسها هى الإقبال والإدبار؛
(١) انظر: (القرطبى البحر المحيط ٢١٣/ ٦،١٤٨/ ١١، الكشاف ٥٢٣/ ٢، الرازى ٢٥٠/ ٢١).
(٢) وقراءة علىّ بن أبى طالب. انظر: (الطبرى ٩٨/ ١٦، القرطبى ١٥٦/ ١١، الكشاف ٥٢٥/ ٢، النحاس ٣٢٨/ ٢، العكبرى ٦٤/ ٢، البحر المحيط ٢١٨/ ٦).
(٣) سبق الاستشهاد به.