قال أبو الفتح: ينبغى أن يكون «آتينا» هنا فاعلنا لا أفعلنا؛ لأنه لو كانت أفعلنا لما احتيج إلى الباء ولقيل: آتيناها، كما قال تعالى: {وَآتَيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً} (١)، فآتينا إذا من قوله: «آتينا بها» فاعلنا، ومضارعها يواتى كيهاتى فى قول الجماعة إلا أبا علىّ فإنه كان يقول فى هات: غير ما يقول الناس فتصريف هذا الفعل آتينا نواتى مواتاة، وأنا موات، وهو مواتى. ومن قال: ضاربت ضرابا قال: إتاء، ومن قال: ضيرابا قال: إيتاء؛ فإيتاء على فيعال كضيراب، ومن قال (٢):
أقاتل حتى لا أرى لى مقاتلا (٣) …
قال: مواتى.
***
{الْفُرْقانَ وَضِياءً} (٤٨)
ومن ذلك قراءة ابن عباس، وعكرمة والضحاك: «الفرقان ضياء» (٤)، بغير واو.
قال أبو الفتح: ينبغى أن يكون «ضياء» هنا حالا، كقولك: دفعت إليك زيدا مجمّلا لك ومسدّدا من أمرك، وأصحبتك القرآن دافعا عنك ومؤنسا لك. فأما فى قراءة الجماعة: {وَضِياءً} بالواو، فإنه عطف على الفرقان، فهو مفعول به على ذلك.
***
{فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً} (٥٨)
ومن ذلك قراءة ابن عباس وأبى نهيك وأبى السّمّال: «فجعلهم جذاذا» (٥).
قال أبو الفتح: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد، عن أبى بكر محمد بن هارون، عن أبى حاتم قال: فيها لغات: جذاذا، وجذاذا، وجذاذا. قال: وأجودها الضم،
(١) سورة الإسراء الآية (٥٩).
(٢) من قول كعب بن مالك.
(٣) انظر: (لسان العرب «قتل»، الخصائص ٣٦٨/ ١،٣٠٦/ ٢).
(٤) انظر: (القرطبى ٢٩٥/ ١٢، البحر المحيط ٣١٧/ ٦، العكبرى ٣٧٥/ ٢، الرازى ١٧٨/ ٢٢).
(٥) انظر: (القرطبى ٢٩٨/ ١١، الكشاف ٥٧٦/ ٢، مجمع البيان ٥٢/ ٧، الرازى ١٨٣/ ٢٢، البحر المحيط ٣٢٢/ ٦).